المَسيحيُّونَ رُوحٌ في جِسْم ِالعالَم «القوت اليومي

 

 

المَسيحيُّونَ رُوحٌ في جِسْم ِالعالَم

 

 

       بِوَجيزِ الكَلام، يُقيمُ المَسيحيُّون في العالم ِ كما تُقيمُ الرُّوحُ في الجَسَد. الرُّوحُ مُنْتَشِرَةٌ في أعْضاءِ الجَسَدِ انتشارَ المَسيحيين في مُدُن ِ العَالم. الرُّوحُ تُقيمُ في الجَسَد،  إلّا أنَّها ليْسَتْ مِنَ الجَسَدِ المَنْظور. والمَسيحِيُّون أنْتَ تَراهُمْ في العالَم، إلا أنَّ العِبادَةَ التي يُؤدُّونَها لله عِبادَةٌ  لا مَنْظورَة.  الجَسَدُ يَكْرَهُ الرُّوحَ ويُعادِيها، وإنْ لَمْ يَنَلْهُ مِنْها أذَى،  سِوى أنَّها تَحولُ دون انْغِماسِهِ في حَمَأةِ اللَّذّات.

 

 والعالمُ يَكْرَهُ المَسيحيِّين، لا لِأنَّهُمْ أساؤوا إليه،  بَلْ لِكَونِهِمْ يَتَصَدَّون لِما فيهِ مِنْ شَهواتٍ مُنْحَرِفةٍ فاسِدَة.  تُحِبُّ الرُّوحُ الجَسَدَ الذي يَكْرَهُها، كَما يُحِبُّ المَسيحيّون مُبْغِضيهِم. الرُّوحُ سَجينة ُ الجَسَد، ولولاها لَما كانَ لِلْجَسَدِ مِنْ حَياة، والمَسيحيُّونَ مَوْثوقون في سِجْنِ العالم، وَلَوْلاهُمْ لا قيامَ ولا حَياةَ  لِلعالَم.

 

 الرُّوحُ الخالِدَةُ  تَقومُ في خِباءٍ بالٍ،  هكذا المسيحيُون،  فإنَّهُمْ يَسْكُنون عالمَ الفَناءِ  بانتِظارِ عالَم ٍ لا يَفْنى، ولا يَزول.  تَرْتَقي الرُّوحُ في مَدَارِجِ الكَمالِ إنْ أماتَتْ ذاتَها بالعَطَشِ والجوع، والمَسيحيُّون يُضْطهَدُونَ وأنتَ تَراهُمْ أبداً،  مِنْ يَومٍ  إلى يَومٍ يَتكاثَرون. لَقَدْ أنْزَلَهُمُ اللهُ مِن العالَم مَنْزِلَةَ  الرُّوح ِ مِن الجَسَد، مَنْزِلَةَ  الشَّرَفِ فلا يَحُقُّ لَهُمْ أنْ يَتَخَلَّوا عَنْها.

 

 

 

من الرِّسالةِ إلى دْيُوجْنِسْ (حوالي القرن الرابع)