الله في باطنك «القوت اليومي

 

 

 

هذه هي مشيئة الله التي طالما عبّر عنها البشر، لاسيّما الروحانيّون منهم، تلك التي تتكوّن في داخل الحوار الحميم الذي يدور بينك وبينه، وفي أثناء الغذاء الذي تتناولانه، وقد سمّاه إغناطيوس دولويولا  "المعرفة الباطنيّة"، أي معرفتك إيّاه ومعرفته إيّاك من الداخل وفي العمق: أنت تتعرّف إلى شخصه ومشيئته؛ وهو يرى عُمق رغبتك وصميم مشاريعك.

 

 

وإذّاك، تكتبان معًا صفحة جميلة تُعبّر عن ملء حياتك وعن حميميّة علاقتكما، وترسم مشيئته السبّاقة وإرادتك اللاحقة، بحيث إنّ مشيئته المقدّسة تصبح تدريجًا إرادتَك الحرّة، وإرادتُك الحرّة مشيئتَه المقدّسة، ويتحقّق ذلك التبادل على مرّ الأيّام وطوال السنين.

 

وقد تعتري طريقَك رغباتٌ مُزيّفة، كما وقد تنشأ في قلبك مشاريعُ سطحيّة أو ناقصة – يعتبرها إغناطيوس "علائق غيرَ مُنظَّمة"-، يخال إليك أنّها تُعبّر عن عمق كيانك، في حين أنّها بالفعل ليست أفضل ما فيك وما لديك؛ ولذا فإنّ الروح القدس يكشف لك عن باطن الأمور وأفضلها لك، فيحرّرك ليصل بك إلى رغبات ومشاريع "مُنظَّمة"، في سبيل أن يتمّ التناغم والتضافر بين مشيئته تعالى وإرادتك المتحرّرة الحرّة.

 

 

الأب فاضل سيداروس اليسوعي