الكنز المُخفى «القوت اليومي

 

 

 

 

 

 

 

 

الكنز المُخفى

 

 

الكنز الذي وُجد أُخفي لكي يُحفظ... فإنّنا في الحياة الحاضرة نسلك كمن يتقدّمون في الطريق الذي يقودنا إلى وطننا. وفي الطريق يوجد أعداء خبثاء يهاجموننا كلصوص، لهذا من يحمل كنزًا بصورة علنيّة في طريقة يتعرّض للسطو عليه.

 

أقول هذا لا بمعنى لا يرى قريبنا أعمالنا، إذ هو مكتوب: "لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات" (مت 5: 16)، وإنما لكي لا نطلب مديحًا عمّا نفعله أمام الآخرين. يلزم أن تتم أعمالنا الظاهرة بطريقة تبقَى فيها النيّة خفيّة. بهذا تصير أعمالنا مثلًا لقريبنا، بينما نيّتنا التي يُسر الله بها تَبقى غير معروفة.

 

الكنز الذي عليه تقوم الرغبات السماويّة، والحقل الذي فيه يُخفى هذا الكنز يُشير إلى السلوك (الداخلي)، خلاله نبلغ هذه الرغبات. هذا الحقل يشتريه من يبيع كل ما لديه، مستهينًا بملذّات الجسد، وضابطًا الاشتياقات الأرضيّة، وحافظًا التعاليم الإلهيّة، فلا يبتهج في شيء ممّا يُبهج الجسد، ولا تَحجم نفسه عن ممارسة ما يُميت الحياة الجسدانيّة.

 

القديس غريغوريوس الكبير