الرّب يسوع المسيح حبَّةٌ زُرِعَت في الأرض «القوت اليومي
إنّ الرّب يسوع المسيح قد أوقِفَ ودُفِنَ في بستان، لقد كَبُر في هذا البستان بالذات وفيه أيضًا قد قام من الموت. فأصبح هكذا شجرة... إذًا، ازرعوا أنتم أيضًا الرّب يسوع المسيح في بستانكم. ومعه اطحنوا حبّة الخردل واعصروها وازرعوا الإيمان.
يُعصر الايمان حين نؤمن بالرّب يسوع المسيح المصلوب. لقد عصر بولس الايمان حين قال: "وأَنا أَيضًا، لَمَّا أَتَيْتُكُم، أَيُّها الإِخوَة، لم آتِكُم لأُبَلِّغَكُم سِرَّ اللهِ بِسِحْرِ البَيانِ أَوِ الحِكمَة، فَإِنّي لَم أَشَأ أَن أَعرِفَ شَيئًا، وَأَنا بَينَكُم، غَيرَ يَسوعَ ٱلمَسيح، بَل يَسوعَ ٱلمَسيحَ ٱلمَصلوب" (1كور 2: 1-2)... والحال هذه، فإننا نزرع الإيمان عندما ننطلق من الإنجيل أو من قراءات الرسل والانبياء ونؤمن بآلام الرّب يسوع.
نحن نزرع الإيمان عندما نغطّيه، إذا صحّ القول، بالتربة المحروثة والمنعّمة وهي جسد الرّب يسوع... كل مَن آمَن أن الله صار إنسانًا، حينها يؤمن أنه مات لأجلنا كما يُؤمن أنه قام من الموت لأجلنا. إذًا إنّني أزرع الإيمان حين أغرس قبر الرّب يسوع المسيح في وسط حديقتي (حيث سيقوم).
هل تريد أن تعرف أنّ الرّب يسوع المسيح هو بزرة وأنه هو مَن زُرِعَ؟
أليس هو القائل: "إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا" (يو 12: 24)؟... فهو إذًا حبة قمح إذ إنّه "يُسنِدُ قَلبَ الإِنْسان" (مز 104[103]: 15) وهو أيضًا حبّة خردل لأنه يُلهب قلب الانسان...
هو حبّة قمح حين نتحدّث عن قيامته، لأنّ كلمة الله كما البرهان عن قيامته تقوّيان النفوس وتزيدان الرجاء وتثبّتان الحبّ لأنّ الرّب يسوع المسيح هو "خُبزُ اللهِ الَّذي يَنزِلُ مِنَ السَّماء وَيُعطي الحَياةَ العالَم" (يو 6: 33). وهو حبّة خردل لأن الكلام عن آلام الرّب يسوع ممزوج بالمرارة.
القدّيس أمبروسيوس (340 - 379)،
أسقف ميلانو وملفان الكنيسة