البشارة الجديدة لنقل الإيمان المسيحي «القوت اليومي
بالرغم من كون عبارة "التبشير الجديد" شائعة ومعاشة إلى حد كبير، فهي تبقى تعبيراً حديث الظهور في عالم التفكير الكنسي والرعوي، لدرجة أن معناه لم يكن دائماً واضحاً بما يكفي.
كان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني هو من أطلق تعبير "التبشير الجديد" لأول مرة إبان رحلته إلى بولونيا، وكذلك من خلال تعليمه الرسولي الموجه إلى أساقفة أمريكا اللاتينية، حيث قال: "إن الاحتفال بالألفية الجديدة للتبشير ستأخذ كامل معناها إذا ما عنت التزامكم كأساقفة مع كهنتكم ومؤمنيكم. إنه ليس التزاماً بإعادة التبشير، بل بتبشير جديد. جديد بحماسته، بوسائله وبتعابيره".
فالأمر لا يعني إعادة صنع شيء، سبق وصنع بشكل سيء، أو أنه لا يعمل جيداً. إن التبشير الجديد ليس صيغة جديدة عن التبشير الأول أو مجرد تكرار له، بل هو الجرأة في سلوك طرق جديدة لمجابهة الظروف الجديدة التي على الكنائس أن تعيش فيها اليوم.
بهذا المعنى أعيد إطلاق هذا التعبير في تعليم البابا يوحنا بولس الثاني على كنائس العالم: "على الكنيسة اليوم أن تجابه تحديات أخرى وهي في طريقها إلى حدود جديدة سواء في توجهها إلى الأمم لأول مرة أو كتبشير جديد للشعوب التي سبق لها أن تلقت البشارة بالمسيح. فالمطلوب اليوم من كل المسيحيين في الكنائس الخاصة أو في الكنيسة الجامعة، التحلّي بالشجاعة التي كانت تغمر صدور المرسلين الأوائل، وبالاستعداد للإصغاء لصوت الروح".
ويؤكد البابا يوحنا بولس الثاني: "على الكنيسة أن تقوم اليوم بخطوة كبيرة إلى الأمام في حقل التبشير. عليها أن تدخل مرحلة تاريخية جديدة من ديناميتها الإرسالية. وعلى الجماعات الكنسية في عالم تقلصت فيه المسافات وتحوّل إلى قرية صغيرة، أن تتحد فيما بينها وتتبادل الطاقات والوسائل وتلتزم معاً في الرسالة الوحيدة والمشتركة؛ وهي التبشير وعيش الإنجيل. وتحتاج الكنائس الفتية، كما يسمّيها آباء السينودس، إلى قوة الكنائس القديمة، في الوقت الذي تحتاج هذه الأخيرة إلى شهادة وزخم الكنائس الفتية بحيث تغتني كل واحدة من الأخرى.
باختصار تعني "البشارة الجديدة": أن يكتشف المسيحيون معنى إيمانهم المسيحي وعيشه في ظل ظروف وتحديات عصرنا اليوم.