«إِنَّ يوحَنَّا لم يَأتِ بِآية ولكِنَّ كُلَّ ما قالَه في هذا الرَّجُلِ كانَ حَقّاً» «القوت اليومي
«إِنَّ يوحَنَّا لم يَأتِ بِآية ولكِنَّ كُلَّ ما قالَه في هذا الرَّجُلِ كانَ حَقّاً» (يو 10: 41)
"فأَرادوا أَن يُمسِكوه" (يو 7: 30). لقد حسُنَ لدى الله أن يمسكوه، لكن نتيجة الإيمان به وفهمه، وليس من خلال إساءة معاملته وقتله. لأنّنا الآن أيّها الإخوة... نريد معًا أن نمسك بالرّب يسوع المسيح.
لكن ما معنى أن نمسكه؟ إن فهمته، تكون قد أمسكته. لكن ليس هذا ما أراده اليهود. لقد أمسكته أنت ليكون لك. أمّا هم، فقد أرادوا أن يمسكوه لكيلا يعود لهم؛ ولأنّهم أرادوا أخذه بتلك الطريقة، ماذا فعل لهم؟ "فأَفلَتَ مِن أَيديِهم" (يو 10: 39). لم يمسكوه لأنّهم لم يملكوا أيادي الإيمان.
"الكَلِمَةُ صارَ بَشَراً"(يو 1: 14)، غير أنّه لم يصعب على الكلمة أن يسحب جسده من بين هذه الأيادي البشريّة. الإمساك بالكلمة روحيًّا هو الإمساك بالرّب يسوع المسيح كما يجب. "وعبَرَ الأَردُنَّ مرَّةً أُخْرى فذهَب إِلى حَيثُ عَمَّدَ يوحَنَّا في أَوَّلِ الأَمْر، فَأَقامَ هُناك. فأَقبلَ إِلَيه خَلْقٌ كثيرٌ وقالوا: إِنَّ يوحَنَّا لم يَأتِ بِآية ولكِنَّ كُلَّ ما قالَه في هذا الرَّجُلِ كانَ حَقّ". تذكرون أنّنا قلنا لكم إنّ يوحنّا كانَ "السِّراجَ المُوقَدَ المُنير" (يو 5: 35) وهو شهد للنهار.
فلماذا قالوا في أنفسهم: "إِنَّ يوحَنَّا لم يَأتِ بِآية"؟ لقد قالوا أنّ يوحنّا لم يظهر لنا أي آية: لم يطرد الشياطين، ولم يشفِ الناس من الحمّى، ولم يُعد البصر إلى العميان، ولم يُقم الموتى، ولم يُطعم آلاف الناس بخمسة أو سبعة أرغفة، ولم يمشِ على الماء ولم يزجر الرياح والأمواج: لم يفعل يوحنّا أيًّا من هذه الأمور، لكن كلّ ما كان يقول كان يشهد له.
بواسطة هذا المصباح، نصل إلى النهار: "إِنَّ يوحَنَّا لم يَأتِ بِآية ولكِنَّ كُلَّ ما قالَه في هذا الرَّجُلِ كانَ حَقّ ". لقد أمسك هؤلاء بالرّب يسوع ولكن ليس بنفس طريقة اليهود. أراد اليهود الإمساك به عندما كان يبتعد. أمّا هؤلاء، فقد أمسكوا به فيما كان وسطهم. وفي النهاية، ماذا قال الإنجيلي؟ "فآمَنَ بِه هُنالِكَ خَلقٌ كَثير".
القدّيس أوغسطينُس (354 - 430)،
أسقف هيبّونا (إفريقيا الشماليّة) وملفان الكنيسة