إنْتِصارُ الكَنيسَةِ انْتِصارُ العَذراء «القوت اليومي
إذا كانَتِ الكَنيسَة، في شَخْصِ العَذراءِ الكُلِّيّةِ الطُّوبى، قدْ بَلَغَتِ الكَمالَ بِلا كلَفٍ ولا غَضَن، فالمُؤمِنونَ لا يَزالونَ يَجُدُّونَ لِيَنْعَموا في القداسَةِ بانْتِصارِهِمْ على الخَطيئة : لِهذا فإنَّهُمْ يَرْفَعونَ عُيُونَهُمْ إلى مَرْيَمَ المُتلألِئَةِ مِثالاً لِلفضائِلِ أمامَ جَماعَةِ المُخْتارين.
وإذا ما فَكَّرَتِ الكَنيسَةُ بِتَقْوى بِمَرْيَم، وَتَأمَّلَتْ بِها على ضَوءِ الكَلِمَةِ المُتَجَسِّد، فإنَّها تَدْخُلُ بِكُلِّ احْتِرامٍ وَتَعَمُّقٍ إلى صَميمِ سِرِّ التَّجَسُّد، وَتَتَشَبَّهُ أكْثَرَ فأكْثَرَ بِخَتَنِها السَّماوي. فَمَرْيَمُ الحاضِرَةُ فِعْلاً في قَلْبِ تاريخِ الخَلاص، لَتَجْمَعُ فيها وَتَعْكُسُ مُتَطَلِّباتِ الإيمانِ العُظمى. وإذا ما كانَتْ بالنِّسْبَةِ إلى المُؤمنينَ مَوْضوعَ مَديحٍ وَتَكْريم، فإنَّها تُوَجِّهُهُمْ إلى ابْنِها وَذَبيحَتِه، وإلى مَحَبَّةِ الآب.
وإنَّ الكَنيسَةَ في سَعْيِها إلى تَمْجيدِ المَسيح، تَتَشَبَّهُ بِمِثالِها الأكْبَر، وَتَتَقَدَّمُ تَقدُّمًا مُطَّرِدًا، إيمانًا وَرَجاءً وَمَحَبَّة، تَبْتَغي الإرادَةَ الإلهِيَّةَ في كُلِّ شَيء، وَتُتَمِّمُها. لِهذا تَنْظُرُ الكَنيسَةُ في عَمَلِها الرَّسوليِّ بِعَينِ الصَّوابِ تِلْكَ التي وَلَدَتِ المَسيح، الذي حُبِلَ بِهِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس، وَوُلِدَ مِنَ البَتول، كَيْ يُولَدَ وَيَنْمُوَ أيْضًا بِواسِطَةِ الكَنيسَةِ في قُلوبِ المُؤمِنين.
وَالبَتولُ كانَتْ في حَياتِها مِثالَ الحُبِّ الأمومِيِّ الذي يَنْبَغي أنْ يَنْتَعِشَ بِهِ كُلُّ الذين، وَقدِ انْضَمُّوا إلى خَدْمَةٍ رَسولِيَةٍ في الكَنيسَة، يَعْمَلونَ على وِلادَةِ النَّاسِ مِنَ الرُّوح.
(دستور عقائدي في الكنيسة، 65)
مِنْ وَثائِقِ المَجْمَعِ المَسْكوني الفاتيكاني الثّاني