أنطونيوسُ يُحرّضُ على كسبِ الفضائل من الجميع «القوت اليومي





يا أبنائي الأحبّاء.


  عليكُم بالإنجيل! فهو غذاؤكُمُ المُحيي، بعد جَسدِ الرّبّ، ودواؤكُمُ النّاجع. ثمّ عليكُم بسائِرِ الكُتُبِ المُقدّسةِ حفظاً، وترديداً، وتأمّلا ً.


واستهدوا بهديِ مَنْ سارَ قبلكُم في طريق الصَّلاح، مِن قدّيسينا الراحلين، وآبائِنا المُرشدين. فلنقتدِ بهم جميعًا. إنّما كونوا، في ذلك، كالنّحلةِ الناشِطةِ، لا تختصُّ بِزهرةٍ واحدة، بلْ تتنقّلُ بين الأزهار. تحومُ عليها جَميعًا، فتختارُ مِن كُلٍّ منها ما يوافقها.


تتناولُ من هذهِ الشّذى المُمَسَّك، ومن تيكَ الأريجَ المُنعش، ومن تلك النّكهةِ الأخَّاذة. وتستمِدُّ الحلاوةَ الطـَّـيِّبة مِن غيرها.وتأخذ ُ مادَّةَ الشَّهدِ مِن غيرها كذلك. حتّى تُخرِجَ العسَلَ اللّذيذ النّاجِع. وهكذا فليكُن مَوقفكم، أنتُم المُبتدئين، كما كان موقِفُنا، نحنُ السّالكين، ولا يزال.


لا تقصِروا اقتداءكُم وتحصيلكُم على مُعلّمٍ واحد. بلْ تأمّلوا في فضائِلِ الجَميع. خذوا التّواضُعَ عن هذا، والطاعة عن ذاك، والصّبرَ عن ذلك، والبصيرَة، والحكمة، والمحبَّة، وحرارة الصَّلاة، وعُمقَ التّأمُّل والاستغراق... إلى سائِرِ الفضائِلِ التي يُمكِنُكم جَمعُها من مُعلّمينا جميعًا، قُدامى ومُحدثين. شأنكُم في هذا شأنُ النّحلةِ في جِنانِ أزاهيرها.



من كتابِ "كوكب البرِّيَّة" ، لفؤاد أفرام البستانيّ