أنت هو المسيح، ابن الله الحي! «القوت اليومي

" توجّه ليتورجية هذا الأحد إلينا نحن المسيحيّين، ولكن في الوقت عينه إلى كلّ رجل وكلّ امرأة، السؤال المزدوج الذي طرحه يسوع يومًا على تلاميذه.

ففي البدء سأل: "ماذا يقول الناس عن ابن الإنسان؟". فأجابوه أنّه بالنسبة إلى البعض هو يوحنا المعمدان وقد عاد إلى الحياة، وبالنسبة إلى آخرين إيليا، وإرميا أو أحد الأنبياء. وعندها سأل الربُّ الإثنيّ عشر مباشرة: "وأنتم من تقولون أني أنا هو؟". وعندها، باسم الجميع فتح بطرس فاه بزخم وقرار: "أنت المسيح، ابن الله الحي".

إنّه اعتراف إيمان رسمي، ما انفكّت الكنيسة تكرّره منذ ذلك الحين. ونحن اليوم أيضًا نريد أن نعلن بقناعة داخليّة: نعم، يا يسوع، أنت هو المسيح، ابن الله الحي!

نقوم باعتراف الإيمان هذا واعين أنّ المسيح هو "الكنز" الحقّ (متّى13: 44) الذي يستحقّ أن نضحّي بكلّ شيء من أجله؛ هو الصديق الذي لا يتخلّى عنّا أبدًا، لأنّه يعرف انتظار قلوبنا الأعمق.

يسوع هو "ابن الله الحي"، المسيح الموعود، الذي جاء إلى الأرض لكي يقدّم للبشريّة الخلاص ولكي يروي العطش إلى الحياة والحبّ الموجود في كلّ كائن بشري. كم من المنافع تستطيع البشريّة أن تحصدها لو تقبّلت هذه البشارة التي تحمل في طيّاتها الفرح والسلام! "أنت المسيح ابن الله الحي".

أجاب يسوع على اعتراف إيمان بطرس الملهم بالقول: "أنت بطرس [الصخر]، وعلى هذه الصخرة سأبني بيعتي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. لك أعطي مفاتيح ملكوت السماوات". إنّها المرة الأولى التي تحدّث فيها يسوع عن الكنيسة، التي تتضمّن رسالتها تحقيق مشروع الله العظيم الرامي إلى جميع البشريّة بأسرها في عائلة واحدة في المسيح.

رسالة بطرس ورسالة خلفائه، هي أن يخدموا وحدة الكنيسة الواحدة المؤلّفة من اليهود والوثنيّين؛ خدمته التي لا غنى عنها هي أن يحرص ألاّ تتماثل الكنيسة مع أمّة واحدة، أو مع ثقافة واحدة، بل لأن تكون كنيسة كلّ الأمم، لكي تفعّل حضور سلام الله وقوّة حبّه المجدّدة بين البشر الموسومين بانقسامات وخلافات لا تحصى.

هذه هي إذًا الخدمة الخاصّة بالبابا، أسقف روما وخليفة بطرس: خدمة الوحدة الداخليّة التي تأتي من سلام الله، وحدة الذين صاروا في يسوع المسيح إخوة وأخوات. أمام هذه المسؤوليّة الضخمة، أعي أكثر فأكثر الالتزام وأهميّة الخدمة للكنيسة والعالم التي أوكلها الربّ إليّ. لهذا أوكل إليكم، أيّها الإخوة والأخوات، أن تعضدوني بصلواتكم، لكيما، عبر أمانتنا للمسيح، نستطيع سويّة أن نعلن حضوره ونشهد له في زماننا هذا. فلتَنَلْ لنا مريم هذه النعمة إذ ندعوها واثقين كأمّ الكنيسة ونجمة التبشير."

البابا بِندِكتُس السادس عشر
صلاة التبشير الملائكي يوم الأحد 24 آب 2008