ألمَسيحُ هُوَ الطريقُ والهَدَف «القوت اليومي




إنَّ الطَّريقَ هُوَ المَسيحُ نَفْسُهُ. مِنْ هُنا قولُهُ : أنا الطّريق. وإنَّهُ لَواضِح، إذ بِهِ نَبْلُغُ الآب. وَبِما أنَّ الطّريقَ غَيْرُ بعيدٍ عَنِ الهَدَف، بلْ مُتَّصِلٌ بِه، يَعْطِفُ يَسوعُ على قولِهِ : أنا الحَقُّ والحَياة. فَيَكونُ هُوَ نَفْسُهُ، في وَقتٍ مَعًا، الطّريقَ والهَدَف. هُوَ الطّريق بِكَوْنِهِ إنْسانًا : أنا هُوَ الطّريق، وَبِكَونِهِ إلهًا يُضيف : الحَقُّ والحَياة. واللفظانِ الأخيرانِ يَعْنِيان بأحلى بَيانٍ نِهايَة الطَّريق.


 فإذا كُنْتَ تُفَتِّشُ عن مَمَرٍّ فاسْلُكِ المَسيحَ الطّريق : سِرْ وَراءَ الإنْسانِ تَصِلْ إلى الله. أنْ يُعَرِّجَ الإنْسانُ في الطّريقِ أفْضَلُ مِنْ أنْ يَعْدُوَ خارِجَ الطّريق. فَمَنْ يُعَرِّجْ وَلوْ بَطيئًا سَيْرَهُ في الطّريقِ يَدْنُ مِنَ النِّهايَة، أمَّا مَنْ يَمْشي خارجَ الطّريق، فما يَرِكُضْ رَكْضَ بُطولَة، يَبْتَعِدْ عَنِ النِّهايَة.


 إنْ تَتَساءَلْ إلى أينَ تَذهَب، فاتَّحِدْ بالمَسيح، فَهُوَ هُوَ الحَقيقةُ التي تَتوقُ إليها، الحَقيقةُ التي يُعْلِنُها فَمي. وَتَتَساءَلْ أينَ تُقيم، فاتَّحِدْ بالمَسيح، فَهُوَ هُوَ الحَياة، مَنْ يَجِدْني يَجِدِ الحَياة، وَمِنَ الرَّبِّ يَنالُ الخَلاص.


  وإذا أرَدْتَ أنْ تَكونَ بِمأمَن، فَظَلَّ مُتَّحِدًّا بالمَسيح، فلا تَضُلَّ الطّريق، فَهُوَ هُوَ الطّريق. فالمُتَّحِدونَ بِهِ لا يَسيرونَ في بَلَدٍ بلا طَريق، بَلْ في طَريقٍ سَوِيّ. فالمَسيحُ لا يَغِشُّ بِكَونِهِ الحَقيقةَ وَيُعَلِّمُ الحَقيقة. وَهُوَ القائِل : وُلِدْتُ وأتيتُ لأشْهَدَ لِلحَقيقة. وأخيرًا لا يُمْكِنُهُ أنْ يُخْفِقَ لِكَونِهِ هُوَ الحَياةُ وَمُعْطِي الحياة، وَهُوَ القائِل : إنَّما أتيْتُ، لِتَكونَ لهُمُ الحَياة، تَكونَ لَهُمْ أوفَر !


(شرح انجيل يوحنا، 14/2) 

القِدِّيسِ توما الأكْوينيّ (+1273)