ألمَسيحُ إلهٌ وإنسانٌ مَعًا
«القوت اليومي





يا رِفاقَ الطـُّهْرِ وَتَلاميذَ العَفاف، لِنُنْشِدْ بِشِفاهٍ مِلؤُها الطـُّهْرُ المَوْلودَ مِنَ العَذراء، وَنَحْنُ الذين أهِّلْنا لِلاشْتِراكِ في جَسَدِ الحَمَلِ الرُّوحِيّ، لِنَشْتَرِكَ في الرَّأسِ والقدَمَين، يَعْني : الرَّأسُ الألوهِيَّة والقدَمانِ الطّبيعَة البَشَرِيَّة التي اتَّخَذَها.


وَنَحْـنُ الذينَ نَسْمَعُ الأناجيل، لِنَثِقْ بيوحَنّا اللاهوتيّ، لأنَّهُ قال :"في البَدْءِ كانَ الكلِمَة، وَالكلِمَة كانَ لَدَى الله، وَالكلِمَة هُوَ الله". وَيُضيف : "والكلِمَة صارَ بَشَرًا". لا يَجِبُ أنْ نَعْبُدَ فيهِ الإنْسانَ فقط، ولا أنْ نَقولَ إنَّهُ بدونِ الطّبيعَةِ البَشَريَّة ؛ لِأنَّ في ذلِكَ كُفْرًا. لِأنَّهُ إذا كانَ المَسيحُ إلهًا، وَهُـَو في الواقِعِ إله، وإذا لمْ يَأخُذِ الطبيعَة البَشَريَّة، فإنَّ الخلاصَ لمْ يَتِمَّ بَعْدُ لنا.


يَجِبُ أنْ نَعْبُدَهُ إلهًا، وأنْ نُؤمِنَ بِأنَّهُ صارَ إنْسانًا. لا فائِدَة لَنا مِنَ القَولِ بِأنَّهُ إنسانٌ بِدونِ الألوهِيَّة، كما أنـَّهُ لا خلاصَ لَنا إذا فصَلنا الطّبيعَة البَشَريَّة عَنِ الألوهيَّة.


علينا أنْ نَعْتَرِفَ بِحُضورِ المَلِكِ وَالطّبيب. لِأنَّ المَسيحَ المَلِك، لِأجْلِ شِفائِنا قدِ التَفَّ بالطّبيعَةِ البَشَريَّةِ كما لو كانَتْ كَفَنًا، وَشَفَى جُرُوحَنا. صارَ المُعَلّمُ الكامِلُ طِفلاً بَيْنَ الأطفالِ لِيُعَلّمَ السُّذَّجَ التَّمْييز، وَنَزَلَ الخُبْزُ السَّماويُّ على الأرْضِ لِيُشْبِعَ الجياع.

                                                                             (العظة   12، 1) 

القِدِّيسِ كِيرِلـُّسَ الأورَشْليميّ (+ 387)