ألصَّليبُ والحَيَّة «القوت اليومي
وإذا تَمادى اليَهودُ في السُّخريَّةِ بِصَليبِ المَسيح، أنَّبَتـْهُـمْ حَيَّةُ الصَّحْراء،لأنَّهُ بالحَيَّةِ المَلعونَةِ شُفِيَ المُؤمِنون. ويَفوقُ ذلكَ أنَّ اليَهودَ تَجَرَّأُوا وَسَمَّوا الصَّليبَ اسْمًا مَلعونًا. وكرَّموا الكَبْشَ المَأخوذَ مِنَ العُلَّيقة، والحَمَلُ الحَقيقيُّ شاهِدٌ على ذلِكَ بِصَليبِهِ المُشْرِق، وَهُوَ البَديلُ مِنْ إسْحَقَ المُوثـَق، يَفتَدي العالَمَ المُوثـَق.
كانوا فَريسةَ لِلعْنَةِ الحَيَّةِ المَرْفوعَةِ فوْقهُمْ بأمرِ موسى، فكرَّموا وَعَبَدوا الحيَّةَ النُّحاسِيَّةَ التي تَستَطيعُ أنْ تُبيدَ النُّفوسَ بَدَلاً مِنَ الأجْساد.
مَنْ رَفَضَ النَّظَرَ إلى هذهِ الحَيَّة، نالهُ مِنها الأذى. لمْ يَكونوا أهْلاً لِلنَّظَرِ إلى اللهِ بَلْ إلى الحَيَّةِ الشَّبيهَةِ بِهِم، وكانوا يَخْلصون. ولأنَّ اللهَ عالِمٌ بِأنَّ هذا الشَّعْبَ سَيَرْفُضُ ابْنَهُ، هيَّأهُمْ بالحَيَّة، ليُخْزِيَ الذينَ صَلبوه، إذ كانوا يُكرِمونَ رَمْزًا لِمُخَلِّصِنا.
أُحْرِقَ مَوْضِعُ العِبادَة، ودُمِّرَ الهَيْكل، وَكِلاهُما رَمْزٌ إلى الرَّب، لأنَّ جَسَدَهُ شَبيهٌ بالهَيْكل، والبابِليِّينَ شَبيهينَ بالذي صَلبُوه. فإذا أيْقـَنْتَ أنَّ اللهَ صانِعٌ ما صَنَعَ بِسَبَبِ خَطاياهُم، فما عَسى أنْ تَكونَ خَطيئةُ الهَيْكلِ وَالمَذبَح، ودانِيالَ وَرُفقائِهِ.
وإذا كانَ ذلكَ قدْ تَمَّ مُكافأةً لِلبَرارة، لأنَّ المَواعيدَ ثمَرَةُ المَضايِق، فإنَّ البَرارَةَ تَقبلُ المُكافأةَ بِذلِكَ الجَسَدِ الذي عُلِّقَ على الصَّليب، كما حَلَّ بِالهَيْكلِ الذي دُمِّر.
مارِ أفرامَ السُّريانيّ (+373)