ألرُّوحُ في الخُبْزِ والخَمْر «القوت اليومي

 

 

 

 

ألرُّوحُ في الخُبْزِ والخَمْر

 

 

  

عِنْدَما أعْطى ابْنُ العَليِّ جَسَدَهُ ودَمَهُ، لفظَ بِهَذِهِ الكلِمات : هذا هُوَ جَسَدي الذي بَذَلْتُهُ عَنْ خَطايا العالَم، وهذا هُوَ دَمي الذي أرَدْتُ أنْ أسْفِكَهُ لِتَكْفيرِ المَعاصِي. مَنْ يَأكُلُ لَحْمي بِمَحَبَّة، وَيَشْرَبُ دَمي، يَحْيا إلى الأبد، ويُقيمُ فِيَّ وأقيمُ فيه. إصْنَعُوا هذا لِذِكْري، في اجْتِماعاتِكُم، واقتَبِلوا بإيمان جَسَدي ودَمي، قرِّبوا الخُبْزَ والخَمْر، كما عَلِمْتُم، وأنا أحَوِّلُهُما إلى جَسَدٍ ودَمّ.

 

أصْنَعُ الخُبْزَ جَسَداً والخَمْرَ دَماً بِحُلول ِ الرُّوح ِ القُدُس ِ وفِعْلِهِ. هكذا كَلّمَ رُسُلهُ مَنْ أعْطى العالمَ الحَياة، وقدْ سَمَّى الخُبْزَ جَسَدَهُ والخَمْرَ دَمَهُ. لمْ يُسَمِّهِما رَمْزاً ولا شَبَهاً بَلْ جَسَداً حَقّاً وَدَماً حَقّاً. ولو ظَلّتْ طَبيعَة ُ الخُبْزِ والخَمْرِ بَعيدَة ً عَنْهُ بِغَيْرِ قِياس، فبالقُوَّةِ والاتِّحادِ يَبْقى الجَسَدُ واحِداً.

 

  

أيُّها الرَّبُّ المَسيحُ رَجاؤنا، ليُؤدِّكَ الشُّكرَ بِلا انْقِطاع ٍ المَلائِكة ُ والبَشَر. يا مَنْ قرَّبْتَ ذاتَكَ لِأجْلِنا، يا مَنْ بِقُدْرَتِكَ يُصبِحُ الجَسَدُ الذي يَكْسِرُهُ الكهَنَة ُ واحِداً مَعَ الجَسَدِ الجالسِ عَنْ يَمينِ  الآب. وكما أنَّ إلهَ كُلّ ِ شَيْءٍ مُتَّحِدٌ بِبَواكيرِ طَبْعِنا، كذلِكَ المَسيحُ مُتَّحِدٌ بالخُبْزِ والخَمْرِ المَوجُودَين على المَذبَح.

 

فإنَّ الخُبْزَ هُوَ حَقّاً جَسَدُ رَبِّنا، والخَمْرَ هُوَ حَقّاً وَفِعْلا ً دَمُهُ. فلِذا أمَرَ المَدْعُوِّينَ بأنْ  يأكُلوا جَسَدَهُ، والمُؤمِنينَ بِهِ أنْ يَشْرَبوا دَمَهُ.

 

  

طوبَى لِمَنْ يُؤمِنُ بِهِ، وَيَقْبَلُ كلِمَتَه، فإنْ ماتَ يَحْيا، وإنْ حَيِيَ فلا يَموتُ بالخَطيئة. إنَّ الرُّسُلَ تَبَيَّنوا بِشَغَفٍ شَريعَة سَيِّدِهِم، ونَقلوها بِدِقةٍ الى مَنْ جاؤوا بَعْدَهُم. ولقدْ حَفِظَتْها الكنيسَة حتّى الآن، وَسَتَبْقى حتّى يُلْغي المَسيحُ سِرًّهُ بِظُهورِهِ.

 

  

فلذلِكَ يَشْكُرُ الكاهِنُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ أمامَ الله، في آخرِ صَلاتِهِ، لِكَي يَسْمَعَها الشَّعْب. يُسْمِعُ صَوْتَهُ وَيَرْسُمُ بِيَدِهِ التقادِمَ المَوضوعَة على المَذْبَح، والشَّعْبُ يُعَبِّرُ عَنْ قبولِهِ : آمين ! مُثْنِياً على صَلاةِ الكاهِن.

 

                                                                                        (العظة 17)

 

  قراءَةٌ مِنْ نَرْسَايْ (+502)