ألرَّبُّ مَجْدُ الأبرار «القوت اليومي
مَنْ رأى جِياعًا يَشبَعون،
يتنعَّمون وَيَسكرون في أمواجِ المَجْد،
تتَفجَّرُ مِنْ جَمالِ ذلك الجَميلِ الأزليّ ؟
سَيِّدُ كُلِّ شيءٍ كنزُ كُلِّ شيء.
إنّهُ يَكْشِفُ لِكُلِّ واحِد، مِقدارَ ما يُطيق،
جَمالـَهُ الخَفيَّ وَجَلالهُ المُتألّق.
هُوَ الضياءُ يَنسَكِبُ على كُلِّ واحِدٍ في حُبِّه:
على الصِغارِ وَمَضاتُهُ وعلى الكِبارِ أشِعَّتُهُ،
أمَّ عِز َّةُ مَجدِهِ فابنُهُ الوَحيدُ كَفيءٌ لها.
كما يكونُ كُلُّ امْرئٍ قدْ طَهَّرَ عَينيهِ هُنا،
كذلك يَستَطيعُ أنْ يَرنوَ إلى مَجدِ الذي هُوَ أعظَمُ مِنْ كُلِّ خلقٍ.
كما يكونُ كُلُّ امرئٍ قدْ فتَحَ أذ ُنَهُ،
كذلك يَستَطيعُ أنْ يُدرِك َ حِكمَتَهُ.
كما يكونُ كُلُّ امرئٍ قدْ وَسَّعَ حِضْنَهُ هُنا،
كذلك يَستَطيعُ أنْ يَسَعَ كُنوزَهُ.
إنَّ السَّيِّدَ الذي لا حَدَّ لهُ بِمقدارٍ يفوقُ كُلَّ كائِن:
بِعَينِنا يَربِطُ مَرآهُ، وَصَوتَهُ بِسَمْعِنا،
بَرَكَتَهُ بِجوعِنا، وَحِكمَتَهُ بلِسانِنا.
تَفيضُ الخُيورُ مِنْ عَطائِه،
مُتَجّدِّدِ الطـَّعْم، وعابِقِ الأرَجِ،
عارِمِ القوَّةِ وبَهيجِ الألوان.
مَنْ رأى جَمعًا مِن الناسِ طَعامُهُم المَجدُ
ولِباسُهُم النورُ وَوَجْهُهُم الضِياء،
يَجتَرُّون ويتَجشـَّأون شَعبًا مِن العطاء:
إنَّ في أفواهِهِم يَنابيعَ الحِكمَة،
في فِكرِهم الأمانُ وفي عقلِهِم الحَقّ،
في استقصائِهِم المَخافة، وفي اعتِرافِهِم المَحبَّة !
هَبْ، يا رَبُّ، لأحْبابي، لهُم، ولي،
أنْ نَلقى هُناك الكِسَرَ، فضلاتِ عَطائِك !
إنَّ رؤيَةً حَبيبِك َ مَعينُ الأطاييب.
مَنِ استَحق َّ أنْ يَتَمَتَّعَ بِها لمْ يَشتَهِ بَعدَها طعامًا،
فقدْ تنَعَّمَ بِجِمالِك َ! ... تَمَجَّدَ بَهاؤك َ!
(منظومة الفردوس، نشيد تاسع، 24 آب- 29)
مار أفرام السُّريانيّ (+373).