أغنياءُ وفقراء «القوت اليومي
أغنياءُ وفقراء
بِمَ تُجيبُ الدَّيَّان العادِل، يا مَنْ تُلبِسُ الجُدران ولا تُلبِسُ نَظيرَكَ الإنسان؟ يا مَنْ تُزَيِّنُ جِيادَكَ ولا تَرْمُقُ بِنَظرَةٍ واحِدَةٍ أخاكَ في الضيق؟ يا َمنْ تَدَعُ قمحَكَ طَعاماً لِلفسادِ ولا تُطعِمُ الجائِعين؟ يا مَنْ تَخبأ ذهبَكَ ولا تَخِفُّ إلى نُصرَةِ المَظلوم؟
قدْ تَقول: أيَّ إجحافٍ أرْتَكِبُ إذا احتَفظتُ بما هُوَ مُلكٌ لي؟ بِحَقّكَ، قُلْ لي: ماذا لك؟ وَمِمَّنْ أخَذتَهُ حتّى تَملِكَهُ طولَ حَياتِكَ؟ مثلكَ في ما تَدَّعي، مثلُ امرِئٍ استَولى على مِقعَدٍ في قاعَةِ المَسرَحِ العام، وَوَكْدُهُ أنْ يَمنَعَ الآخَرين مِن الدُخول، ليتَمَتّعَ بالمَشهَدِ وَحدَهُ، كأنّهُ مِلكُهُ الخاص، وهوَ مُشاعٌ للجَميع. تِلكَ حالُ الأغنياء: يَعتَبِرون الخَيراتِ العامَّة مِلكاً خاصّاً لهُم، لأنّهُمُ استَولوا عليها قبلَ الآخَرين.
لو كان كُلُّ إنسانٍ يأخُذ ُ مِنْ أموالِهِ ما يَكفي لِسَدِّ حاجاتِه، ويَترُكُ الفائِضَ عنهُ لِمَنْ يَنقُصُهُ الضّروريّ، لما بَقيَ على الأرضِ غَنيٌّ أو فقير. أنتَ يا مَنْ تلتَهِمُ كُلَّ شيءٍ هُوَّة طَمَعِهِ الفاغِرِ فاهُ على الدَوام، أتَظـُنُّ أنَّكَ لا تَرتَكِبُ إجحافاً بِحَقِّ أحَد، عِندَما تَحرِمُ الضّروريَّ هذا العَدَدَ الكبيرَ مِن المُحتاجين؟ مَنْ هُوَ الإنسانُ الذي يُدعى سارِقاً لِلجماعة؟ أليسَ مَنْ يَختَصُّ نفسَهُ بِما هُوَ للجَميع؟ ألا تَكونُ سارِقاً لِلجماعَةِ أنتَ الذي يَختَصُّ نفسَهُ بِما أ ُعطِيَهُ ليُوزِّعَهُ على الآخرين؟ إنّنا نَدعو سارِقاً مَنْ يَسلبُ المُسافِرين ثيابَهُم. وهَلْ يَستَحِق ُّ غيرَ هذا الاسمِ ذلكَ الذي لا يَكسو مُحتاجاً ليسَ لهُ غيرُ العُريِ لِباساً؟
ألخُبْزُ الذي تَحفظـُهُ في المَخبَإ هُوَ مِلكٌ لِلجائِعين، والثوبُ الذي تُقفِلُ عليهِ الخِزانة َ هوَ مُلكٌ لِلعُراة، والحِذاءُ الذي يَتلـَـفُ عِندَكَ هُوَ مِلكٌ لِلحُفاة، والذهبُ الذي تَدْفِنُهُ هُوَ مِلكٌ لِلمُحتاجين. فأنتَ مُجحِفٌ بِحَقِّ الذين تَستَطيعُ أنْ تَسُدَّ حاجَتَهُم ولا تفعل.
(العظة 6).
القِدِّيسِ باسيليوسَ الكَبير (+379).