أحد وجود الرب في الهيكل «الرسالة
الرسالة إلى العبرانيين ( 7/ 11- 19)
لَو كانَ الكَمالُ قَد تَحَقَّقَ بالكَهنوتِ اللاّويّ، وهوَ أساسُ الشريعَةِ التي أُعْطِيَتْ للشّعب، فأَيُّ حاجَةٍ
بَعدُ إلى أن يَقومَ كاهِنٌ آخَرُ "على رُتْبَةِ مَلكيصادِق"، ولا يُقال "على رُتبَةِ هارون"؟
فمتى تَغَيَّرَ الكَهنوت، لا بُدَّ مِن تَغييرِ الشريعَةِ أيضًا. فالذي يُقالُ هذا في شأنِهِ، أي المسيح، جاءَ
مِن سِبْطٍ أخَر، لَم يُلازِمْ أحَدٌ مِنهُ خِدْمَةَ المَذْبَح، ومِنَ الواضِحِ أنَّ رَبَّنا أشْرَقَ من يَهوذا، مِن سِبْطٍ
لَم يَصِفْهُ موسى بِشَيءٍ مِنَ الكَهَنوت. ويَزيدُ الأمرَ وضوحًا أنَّ الكاهِنَ الآخَرَ الذي يَقومُ على مِثالِ
مَلكيصادِق، لَمْ يَقُمْ وَفْقَ شَريعَةِ وَصيَّةٍ بَشَريَّة، بَل وَفْقَ قوَّةِ حياةٍ لا تَزول. ويُشْهَدُ لَهُ: "أنتَ كاهِنٌ
إلى الأبَد، على رُتْبَةِ مَلكيصادِق!". وهكذا يَتِمُّ إبطالُ وَصِيَّةِ الكَهنوتِ السابِقَة، بِسَبَبِ ضُعْفِها وعَدَمِ
نَفْعِها، لأنَّ الشريعَةَ لَمْ تُبَلِّغْ شَيئًا إلى الكَمال، ويَتِمُّ أيضًا إدخالُ رَجاءٍ أفضَل، بِهِ نَقتَرِبُ مِنَ الله.
البُعد الروحي:
يتحدّث الكاتب عن ملكيصادق الملك والكاهن الذي باركَ إبراهيمَ وأخذ منه العشور. ثمّ يطبّق كهنوت ملكيصادق الكامل على كهنوت المسيح يسوع الأكمل، بالنسبة إلى الكهنوت اللاويّ الناقص الزائل.
عندما أعطى الله الشريعة لموسى، كلّف كهنة بني لاوي أن يحفظوها ويشرحوها للشعب. وجاء صاحب المزامير فأنبأ بمسيح ملك وكاهن، من غير كهنة بني لاوي، على رتبة ملكيصادق، بصورة جديدة ومختلفة، نهائيّة وأبديّة.
وبرغم أنّ كاتب الرسالة عارف بتقليد الكنيسة الرّسوليّة الأولى أنَّ المسيح يسوع لم يظهر من سبط لاوي الكهنوتيّ، بل من سبط يهوذا الملكيّ، من بيت داود الملك، فقد رأى في المزمور (110/ 4) أساسًا كتابيًّا نبويًّا لإيمانه بالمسيح الكاهن الحيّ الأبديّ، ولكن لا على رتبة بني لاوي، بحسب الشريعة، وفق شريعة وصيّةٍ بشريّة، بل على رتبة ملكيصادق، وفق قوّة حياةٍ لا تزول.
والتقليد الليتورجيّ قد تبنّى نظرة الكاتب هذه، وطبّقها على يسوع، وهو بعدُ طفل في الهيكل، جالس بين العلماء، يسمعهم ويسألهم، ولو أنّه لم يقُم بأيّ خدمة كهنوتيّة خاصّة.