الجمعة الأولى من زمن العنصرة «الإنجيل
إنجيل اليوم (يو14 /8ـ14)
8 قال فيليبّس ليسوع:"يا ربّ، أرنا الآب وحسبُنا".
9 قال له يسوع: "أنا معكم كلّ هذا الزَّمان، يا فيليبّس، وما عرفتني؟ من رآني رأى الآب، فكيف تقول أنت:أرنا الآب؟
10 ألاّ تؤمن أنّي انا في الآب، وأنَّ الآب فيَّ؟ الكلام الذي أقوله لكم، لا أقوله من تلقاء نفسي، بل الآب المقيم فيَّ هو يعمل أعماله.
11صدّقوني: أنا في الآب والآب فيَّ، وإلاّ فصدّقوا من أجل الأعمال نفسها.
12الحق الحق أقول لكم: من يؤمن بي هو يعمل أيضًا الأعمال الَّتي أنا أعملها، وأعظم منها يعمل، لأنّي أنا ذاهب إلى الآب.
13 كلُّ ما تطلبونه باسمي أعمله، ليمجَّد الآب في الإبن.
14 إن تطلبوا شيئًا باسمي فأنا أعمله".
أولًا قراءتي للنصّ
توجّه فيليبّس إلى يسوع بالطلب التالي :"يا ربّ، أرنا الآب وحسبنا"(8)؛ فأجابه يسوع معترضًا على طلبه هذا، لأنّه قد حصل على مطلوبه خلال الزمان الذي قضاه مع يسوع، لمجرّد كونه قد رأى يسوع:"لأنّ من رآني رأى الآب "(9).
ثمّ شدّد يسوع على واقع إتّحاده بالآب، وعلى الوحدة بينهما، وعلى أنّ الواحد منهما هو الآخر؛ ودعا تلميذه فيليبّس وباقي التلاميذ، إلى الإيمان بهذه العلاقة الفريدة بين الآب والإبن.
وركز يسوع أخيرًا تعليمه وكشفه عن هذه الحقيقة الإلهيّة، على الأعمال التي تصدر عنه وتدلّ على أنّها ليست منه كونه إنسانًا، بل هي منه كونه إلهًا، وواحدًا مع الله الذي أرسله، فأعماله هي أعمال الآب عينه. إنّه يعطي بدوره، المؤمنين به أن يعملوا الأعمال التي يعملها هو في الحاضر الذي كان يتكلّم فيه، والأعمال الأعظم منها التي سيُعطى له أن يعملها بعد قيامته وذهابه إلى الآب؛ ويختم يسوع كلامه هذا بوعده الصريح في تلبية تلاميذه وعمل أيّ شيء يطلبونه من الآب باسمه.
ثانيًا "قراءة رعائّية"
يطلب فيليبّس أن يرى الآب "بالعين المجرّدة"؛ ذلك يعني إنّه لم يعرف يسوع بعد، "رآه"؛ فطلبه أن يرى الآب، إذن سؤاله بشريّ، مثل سؤال بطرس:" يا ربّ، إلى أين نمضي؟"(13/36)، وسؤال توما: "كيف نقدر أن نعرف الطريق؟"(14/5).
لذلك، قال له الربّ:"من رآني رأى الآب"، لأنّ الآب يتجلّى في حياة يسوع، في أقواله و أعماله؛ يسوع هو صورة الله الذي لا يُرى (قول1/15)؛ هناك إتّحاد تامّ بين الآب و الإبن: فالآب حاضر في الابن بأقواله وأعماله.
الآية (12)
بالإيمان (وبالروح القدس)، يتواصل حضور يسوع في جماعة التلاميذ؛ وهكذا يساعدهم على إكتشاف عمل الله الخلاصيّ في التاريخ، رغم الظواهر التي يمكن أن لا تكون مشجّعة، وعلى توجهه لكي يتجاوب مع حاجات المؤمنين في الزمان والمكان، وعلى مواصلة هذا العمل ومتابعته باسم يسوع في حالته المجيدة وقدرته السامية، وهكذا يتواصل تمجيد الاب في الإبن.
الأب توما مهنّا