الإثنين الرابع من الصوم الكبير «الإنجيل
إنجيل اليوم (لو: 9: 37-45)
37 وفي اليَوم التَالِي، فِيمَا هُم ناَزِلونِ مِن الجَبَل، لاَقَاهُ جَمعٌ كثير.
38 وإِذا رَجُلٌ مِنَ الجَمعِ قد صَرَخَ قَائِلًا: "يا مُعَلِّم، أرجُوكَ، انظُرَ إِلى ابنِي، لإِنَّه وَحيدٌ لِي!
39 وهَا إنَّ رُوحًا يُمسِكُ بِهِ فيَصرُخُ بَغتَةً، ويَهُزُّهُ بِعُنفٍ فَيُزْبِد، وبِجَهدٍ يُفارِقُه وهوَ يُرَضِّضُهُ.
40 ولَقَد رَجَوتُ تلاميذَكَ أَن يُخرِجوه، فَلَم يَقدِرُوا!".
41 فأَجَابَ يَسُوعُ وقَال: "أَيُّها الجِيلُ المُلتَوي غَيرُ المُؤمِن، إلى مَتى أكُونُ مَعَكُم وأَحتَمِلُكم؟ قَدِّم ابنَكَ إلى هُنا".
42 ومَا إن اقتَرَب الصَّبيُّ حتَّى صَرَعَهُ الشَّيطان، وهزَّهُ بِعُنف. فَزَجَرَ يَسوعُ الرُّوحَ النَّجِس، وأَبرَأَ الصَّبِيَّ، وسَلَّمَهُ إِلى أَبيه.
43 فَبُهِتَ الجَميعُ مِن عَظَمَةِ الله. وفيما كانوا جَمِيعًا مُتَعَجِّبِين مِن كُلِّ ما كانَ يَعمَلُهُ يَسوع، قال لِتَلاميذِه:
44 " وأَنتُم اجعَلُوا هذا الكَلامَ في مَسَامِعِكُم: فابنُ الإِنسانِ سَوفَ يُسلَمُ إِلى أَيدي النَّاس".
45 أمَّا هُم فَمَا كَانُوا يَفهَمونَ هذا الكلام، وقَد أُخفِيَ عَلَيهِم لِكَي لا يُدرِكوا مَعناه، وكَانُوا يَخَافونَ أَن يَسأَلوهُ عنه.
أوّلًا قراءتي للنصّ
أُعطيَ لنصّ إنجيل هذا اليوم عنوانان، الأوّل: "شفاء صبيّ من داء الصَّرَع" (37-43)، وله نصّ موازٍ في متّى (17: 14-18)، وآخر في مرقس (9: 14-29)، حيث تفاصيل إضافيّة يتفرّد بها مرقس؛ والثاني: "يسوع ينبئ ثانية بآلامه وموته وقيامته" (44-45)، وله نصّ موازٍ في متّى (17: 22-23)، وآخر في مرقس (9: 30-32).
جاء تحت العنوان الأوّل.
رجل، من بين الجمع الذي لاقى يسوع عند نزوله من جبل التجلّي، صرخ قائلًا ليسوع: يا معلّم، أرجوك، انظر إلى ابني، وحيدي، وأخرِجْ منه روحَ داء الصرع الذي يؤلمه ويؤذيه، وأضاف قائلًا: رجوتُ تلاميذك، فلم يقدروا أن يخرجوه!.
جاء جواب يسوع له، باعتباره أوّلًا، واحدًا من أبناء ذلك الجيل الملتوي، فيستحقّ أن يسمع كلام الملامة، لأنّهم لا يؤمنون إلّا على أساس الآيات والعجائب؛ وباعتباره ثانيًا، أبًا لابنٍ وحيد يُمسك به روحُ مَرَضٍ مؤلم ومؤذٍ، فيستحقّ أن يسمع كلمة إصغاء ورحمة: "قدّم ابنك إلى هنا!" وما أن قدّم الرجل الصبيّ المصروع إلى يسوع حتّى أبرأه يسوع بسلطانه، وأعاده إلى أبيه سليمًا؛ فبُهِتَ الجمع من عظمة الله، متعجّبين من أعمال يسوع.
كلّ أعجوبة من عجائب يسوع برهان على صحّة تعليمه ورسالته، وسبب مباشر لآلامه وموته، وإعلان مسبق لمجده وقيامته.
وجاء تحت العنوان الثاني:
يسوع يطلب من تلاميذه أن يصغوا جيّدًا ويسجّلوا في مسامعهم الكلام الذي ينبئهم به عن آلامه وموته وقيامته، لأنّهم لا يفهمون هذا الكلام، وليس لديهم القدرة على إدراكه وفهمه، ولا الجرأة على الاستفهام عنه.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
الآية (39)
كان العهد القديم يعتبر أنّ المرض من الله، وشأنه شأن الصحّة؛ ولكنّ الإنجيل ربط المرض بالروح النجس، بالشيطان، معتبرًا المرض شرًّا جاء يخلّص البشر منه.
الآية (44)
أنبأ يسوع عن آلامه وموته (وقيامته)، في لوقا، ثلاث مرّات هنا، وفي (9: 22؛ 22: 21)؛ لا يذكر لوقا هنا، القيامة، كما فعل في الإنباء الأوّل، وكما فعل متّى ومرقس في النصوص الموازية، وذلك ليدلّ على أنّ التلاميذ لم يفهموا الآلام (45).
الأب توما مهنّا