الإثنين الثالث من زمن العنصرة «الإنجيل
إنجيل اليوم ( يو 16 /5 ـ 11)
5قال الرّبّ يسوع: أنا الآن ذاهب إلى من أرسلني ، ولا أحد منكم يسألني: إلى أين أنت ذاهب؟
6 ولكن لأنّي كلّمتكم بهذا، ملأ الحزن قلوبكم.
7 غير أنّي أقول الحقّ: خير لكم أن أمضي. فإن لم أمضِ لا يأتي إليكم البرقليط المعزّي. أمّا إذا ذهبت فإنّي سأرسله إليكم .
8 وهو متى جاء يوبّخ العالم على الخطيئة وفي أمر البرّ والدينونة.
9 أمّا على الخطيئة فلأنّهم لا يؤمنون بي.
10 وأمّا في أمر البرّ فلأنّي ذاهب إلى الآب، ولن تروني من بعد.
11 وأمّا في أمر الدينونة فلأنّ سلطان هذا العالم قد أدين".
أولًا قراءتي للنصّ
أخبر يسوع تلاميذه بأنّه سوف يذهب إلى الآب الذي أرسله؛ مفاتحتهم بهذا الموضوع تقتضيه الّلياقة البشريّة، وتمليه العلاقة الحميمة التي كانت قائمة بينه وبينهم؛ ولكنّ ذلك، وكلّما حدث، كان ينعكس حزنًا كبيرًا يملأ قلوب التلاميذ؛ مثل هذا الحزن الروحيّ يتولّد لدينا من الشعور بغياب الربّ، وابتعاده عنّا، وتركه لنا.
لذلك، نرى يسوع، في النصّ عينه يدعو تلاميذه إلى مستوى آخر، غير مستوى الشعور، إلى مستوى الحقّ(7):"خير لكم أن أمضي" إذ، في هذه الحال، أرسل إليكم البرقليط، الرفيق المعزّي، الذي لن يعود فيغادركم، سيبقى معكم إلى منتهى الدهر.
ويحدد يسوع مهمة الروح، في هذا النصّ، بالتالي.
يوبّخ العالم على الخطيئة: أي يجعل الإنسان الذي لا يؤمن بيسوع المخلّص أو لا يحرص على صفاء إيمانه، وعلى تغذيته وإنمائه، يجعله يشعر بأنّه خاطىء، ومسيء إلى الله، وبحاجة إلى التوبة والإصلاح.
ويوبّخ العالم في أمر البرّ أي يجعل الإنسان الذي لا يرى يسوع بريئًا، ممّا اتّهم به، وعلى أساسه حوكم وعذّب وصلب، ووحده بين الناس من دون خطيئة، يجعله يشعر بأنّه مخطىء، ومسيء إلى الله، وباقٍ في خطأه، بينما يسوع ذاهب إلى الآب، وعائد إلى مجده الأزليّ عن يمين الله.
ويوبّخ أخيرًا العالم في أمر الدينونة، أيّ يجعل الإنسان الذي لا يزال مؤمنًا بسلطان هذا العالم وبقوى الشرّ العاملة فيه، والتي توصله، وغيره كثيرين، إلى النجاح بطرق غير شرعيّة وظالمة، يجعله يشعر أنّه مخطىء في إيمانه، ومسيء إلى الله ،لأنَّ سلطان هذا العالم قد أدين (وهذه الدينونة تطاله)، والمسيح قد انتصر عليه بالقيامة.
لقد اختصرت مهمّة الروح القدس في "الترجمة اللّيتورجيّة" (شرح) بما يلي :" دور الروح القدس أنّ يرفع التّهم التي اتُّهموا بها يسوع، واتّخذوها حجّة كي لا يؤمنوا به؛ يعلن الروح يسوع خاليًا من كلّ خطيئة، ويدين العالم الخاطىء على عدم إيمانه بيسوع؛ ويعلن براءة يسوع وتمجيده عن يمين الله الاب، للّذين اتّهموه بالتجديف؛ ويعلن يسوع ديّانًا للّذين دانوه وحكموا عليه بالموت ظلمًا.
ثانيًا "قراءة رعائية"
ما ان قال يسوع لتلاميذه إنّه ذاهب، حتّى ملأ الحزن قلوبهم (5ـ 6)؛ فدعاهم عندئذ يسوع إلى فهم المعنى العميق لذهابه، لكي يزول حزنهم، فذهابه إلى الآب الذي أرسله عبر الموت والقيامة إنّما هو بهدف العودة إليهم بشكل آخر، وإرسال روحه القدّوس والمعزّي إليهم (7).
الآية (8)
بما أنّ العالم، وبخاصّة اليهوديّ ،قد اعتبر الحكم على يسوع بالموت انتصارًا نهائيًا عليه، جاء الروح القدس يدفع التلاميذ إلى الشهادة ليسوع القائم، ويقلب هكذا الوضع رأسًا على عقب؛ لا شكّ في أنّ يسوع مات، وأنّ المؤمنين به قد تعرّضوا، ولا يزالون، إلى الموت معه، ولكنّ الآب أقامه من بين الأموات ومجّده عن يمينه في السماء ؛ فظهرت خطيئة الّذين حكموا عليه، وانقلب هكذا الحكم عليهم.
شرح عبارات وكلمات
على الخطيئة (9)
خطيئة العالم رفضه الإيمان بيسوع، الإيمان بالنور.
على البِرّ (10)
البِرّ هو الحقّ والعمل بحسب مشيئة الله؛ كان طعام يسوع العمل بمشيئة الله ؛وما يدلّ على براءته هو أنّ العالم لم يعد يراه.
على الدينونة ( 11)
ظنَّ العالم أنّه دان يسوع وأنهى أمره بالموت؛ لكنَّ يسوع، بقيامته انتصر على هذا العالم، وحكم عليه نهائيًا.
الأب توما مهنّا