الأربعاء الرابع من زمن العنصرة «الإنجيل
إنجيل اليوم (متى 18 /11ـ14)
11 قال الرّبّ يسوع:"جاء ابن الإنسان ليخلّص ما قد هلك.
12 ما رأيكم؟ إن كان لرجل مئة خروف وضلّ واحد منها، ألا يترك التّسعة والتّسعين في الجبال، ويذهب ويبحث عن الخروف الضّال؟
13 وإن وجده، ألا يفرح به؟ الحقّ أقول لكم: إنّه يفرح به أكثر من فرحه بالتّسعة والتّسعين الّتي لم تضلّ!
14 هكذا، فإنّ مشيئة أبيكم الّذي في السّماوات هي ألا يهلك أحد من هؤلاء الصغار".
أولًا قراءتي للنصّ
بقدر ما يقسو يسوع على مسبّب الشكوك، يلين ويحنو على الأخ الضالّ في الجماعة.
ينطلق مثل الخروف الضالّ من الواقع المفترض التالي. رجل له مئة خروف؛ ضلّ واحد منها؛ تحمل كلمة "خروف" هنا، معنيين.
المعنى العادي الدال على حيوان معيّن، والمعنى الكتابيّ الدالّ على تلميذ يسوع أو المؤمن به، على"الصغير" أو "الطفل" (14)؛ والضلال هنا، ابتعاد جغرافيّ عن المكان، حيث ضلّ التسعة والتّسعون خروفًا الباقون، إلى مكان آخر مجهول؛ لكن هذا الإبتعاد الجغرافيّ أو المكانيّ متسبّب من ضلال نفسيّ أو مبدئيّ أو اجتماعيّ.
تساءل يسوع عمّا يمكن أو يجب أن يكون موقف صاحب المئة خروف من حادث الضلال هذا؟ لا بدّ أن يتأثّر، يحزن، يهتمّ، ويتّخذ إجراءات بترك التّسعة والتّسعين في الجبال، حيث هم معًا وفي المراعي الخصبة، ويذهب في طلب الخروف الضالّ؛ فما تكبّده الخروف الضالّ في مسيرة ضلاله، ومن أجل ذاته يتكبّده صاحبه، ولأجله هو، لكي يرجعه من ضلاله إلى قطيعه؛ فصاحب المئة خروف يمثّل يسوع الّذي جاء مفتّشًا على كلّ ضال من أبنائه ليصوّب خطاه ويرجعه إلى الحظيرة.
وتساءل يسوع أيضًا عمّا يمكن أو يجب أن يكون موقف صاحب المئة خروف، إذا ما وجد الخروف الضالّ وأعاده؟ إنّه يفرح؛ فالفرح ينتج من الأفعال تأثّر، حزن، اهتمّ، بذل جهدًا ونجح، المترافقة والمتفاعلة، ويتوّجها؛ والفرح الّذي يشعر به، عند عودة الخروف الضالّ، هو الفرح الجديد الناتج من وجود المئة خروف في الحظيرة؛ إنّه أكبر من فرحه بالتّسعة والتّسعين السابق له؛ وأخيرًا، يعلن لنا يسوع عن المراد بهذا المثل:"إنّ مشيئة أبيكم الذي في السموات هي ألاّ يهلك أحد من هؤلاء الصغار"(14).
ثانيًا "قراءة رعائية"
بعد أن شدّد يسوع على خطورة الشكوك، جعل التلاميذ أمام مسؤوليّتهم في الجماعة: تصرّفهم الشخصي يؤثر على "هؤلاء الصغار"، على الخروف الضالّ؛ فكّر متّى بهؤلاء الصغار الّذين يمكن أن يضلّوا إن لم نهتمّ بهم أو إن احتقرناهم (10)، أو عاملناهم بقساوة (12)؛ إنّهم بسهولة يقعون في الضلال الّذي يبدأ على مستوى التعليم، ويتطوّر إلى أزمة أخلاقيّة، تحملهم على أن يضلوا طريق الكنيسة ويتركوا الجماعة كما جاء في عبرانيّين (10/25).
نشير إلى أن لوقا، في النصّ الموازي (15 /4ـ 6)، يفكّر بالضائعين الّذين ليسوا من القطيع، وقد جاء يسوع يطلبهم ويقودهم إلى قطيعه ويخلّصهم؛ بينما متّى يفكّر بالخروف الّذي هو من القطيع، وقد ضلّ عن هذا القطيع لأسباب وأسباب؛ وبما أن الله لا يريد أن يخسر أحدًا من قطيعه، فإنّه يذهب في البحث عنه ويعيده.
الأب توما مهنّا