الأربعاء الخامس عشر من زمن العنصرة «الإنجيل
إنجيل اليوم (لو 17/ 20- 25)
20 سأل الفرّيسيّون يسوع: "متى يأتي ملكوت الله؟". فأجابهم وقال: "ملكوت الله لا يأتي بالمراقبة.
21 ولن يقال: ها هو هنا، أو هناك! فها إنّ ملكوت الله في داخلكم!".
22 وقال للتّلاميذ: "ستأتي أيّامٌ تشتهون فيها أن تروا يومًا واحدًا من أيّام ابن الإنسان، ولن تروا.
23 وسيقال لكم: ها هو هناك! ها هو هنا! فلا تذهبوا، ولا تهرعوا.
24 فكما يومض البرق في أفق، ويلمع في آخر، هكذا يكون ابن الإنسان في يوم مجيئه.
25 ولكن لا بدّ له أوّلاً من أن يتألّم كثيرًا، ويرذله هذا الجيل"!
أوّلاً قراءتي للنصّ
الآيتان (20-21)
ليس مستغربًا أن يسأل الفرّيسيّون يسوع: "متى يأتي ملكوت الله؟"، لأنّهم كانوا، والشعب اليهوديّ، في أجواء الوعد الإلهيّ بالخلاص، وفي انتظار مجيء المخلّص؛ وكانوا يفتّشون في كتبهم المقدّسة عن آيات تحدّد زمن هذا المجيء، ويرقبون السماوات، علّهم يرون العلامات الخارقة التي سوف تسبق هذا المجيء؛ فأجابهم يسوع، مصحّحًا أوّلاً، ما كان لديهم من قناعات خاطئة، كتوقّع معرفة ملكوت الله بالمراقبة، أو توقّع رؤيته هنا أو هناك؛ ومطلعًا إيّاهم ثانيًا، على أنّ هذا الملكوت قد أتى، وهو الآن في ما بينهم، وفي داخل المفتّشين عنه الحقيقيّين، والمؤمنين به.
الآيات (22- 35)
ثمّ يتوجّه يسوع إلى تلاميذه، لكي يسترعي انتباههم إلى أمور ثلاثة، تدخل في إطار السؤال أعلاه؛ فيدعوهم أوّلاً، إلى وعي الحاضر الذي هم فيه، إذ هم الآن، بحضوره معهم، في أيّام نعمة كبيرة، يتذوّقون فيها نعيم الملكوت؛ وينبّههم ثانيًا، إلى أنّه، هو بالذات، في مسيرة زمنيّة، سوف تؤدّي به إلى رفض هذا الجيل له، وإلى تسليمه للآلام حتّى الموت؛ وإلى أنّهم، هم والمؤمنون على يدهم، بالغون إلى فترة من الزمن، يلقون فيها الضيق والاضطهاد، ومجابهة قوى الشرّ لهم، فيشتهون استعادة يوم من أيّام النعمة هذه، ولن يعطوا؛ وينبئهم ثالثًا، عن مجيئه الثاني، عن يوم ابن الإنسان، الذي لن يعطى الإنسان أن يترقّبه بقواه المعرفيّة، ويعطي معلومات صحيحة عنه، والذي سوف يتمّ في ومضة كالبرق، ويأتي معه ملء ملكوت الله.
ثانيًا "قراءة رعائيّة"
الآيتان (20- 21)
سؤال الفرّيسيّين: "متى يأتي ملكوت الله؟" هو السؤال الكبير في وقت يسوع ( دا 9/ 2)؛ رأى متّى ومرقس مجيء الملكوت في مستقبل غير محدّد؛ أمّا لوقا، فأعلن أنّه هنا، وأنّه يبنى منذ الآن (21)؛ هو في وسط التلاميذ، وفي الكنيسة، وفي عمل الخلاص الذي يتمّ يومًا بعد يوم، وفي شخص يسوع ذاته.
الآيات (22-24)
أمّا يوم ابن الإنسان، يوم المجيء النهائيّ للملكوت، فإنّه لا يأتي بالمراقبة، أي لا يمكننا أن نلاحظه كما نلاحظ البرق والرعد، ولا أن نشاهده بشكل ملموس؛ ولا يمكن لأحد أن يتوقّعه؛ فعلينا إذن، بالتنبّه والجهوزيّة أمام علامات الأزمنة.
الآية (25)
هناك مجيء أوّل ليسوع في قيامته، التي تسبقها الآلام حتّى الموت؛ فإذا ما تقبّلنا يسوع القائم بالإيمان، نجد هذا الملكوت (لو 12/ 54 -56).
الأب توما مهنّا