يسوع يدعونا لنتحلّى بالشجاعة لنقلع الحقد من بيننا «أضواء

 

 

 

 

"يعطينا يسوع ثلاثة معايير لنتخطّى النزاعات بيننا: الواقعية والمصداقية والبنوّة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وقد تمحورت حول المحبّة الأخويّة التي علّمها يسوع لتلاميذه.

إستهّل الأب الأقدس عظته إنطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى الإنجيليّ والذي نقرأ فيه حوار يسوع مع تلاميذه حول المحبّة الأخويّة وقال: كيف يجب أن تكون المحبة فيما بيننا بحسب يسوع؟ فيسوع يطلب منا أن نحب أقرباءنا ولكن لا كالفريسيّين غير الصادقين في مواقفهم ويعطينا ثلاثة معايير: الأول وهو الواقعيّة: الواقعيّة السليمة! إن كان لأحد عليك شيئًا، إبحث عن حلٍّ للأمر وجد طريقة للوفاق، سارع إِلى إِرضاءِ خَصمِكَ ما دُمْتَ معَه في الطَّريق. قد لا يكون الحل الأمثل لكن الوفاق أمر جيّد! هذه هي الواقعية.

تابع البابا فرنسيس يقول: ابذل الجهود من أجل الوصول إلى وفاق بين الجهتين، حتى وإن كان هناك من يعتبره أمرًا مبتذلاً، لمجرّد الحفاظ على ماء الوجه ولكن ينبغي أن يصل الطرفين إلى أتفاق. إنها مسيرة يقوم بها الطرفان كل من جهته نحو السلام وإن كان سلام زمنيّ ومرحليّ.

ويسوع نفسه يقول لنا أنه ينبغي أن يزيد برُّنا على برّ الكتبة والفرّيسيين. إذ هناك العديد من الحالات الإنسانيّة التي يمكن الوصول إلى حلّها بينما لا نزال في الطريق فيقف هكذا الحقد والنزاع بيننا.

أضاف الحبر الأعظم يقول: هناك معيار ثانٍ يعطينا إياه يسوع أيضًا وهو معيار الحقيقة، وأشار إلى أن إستغياب الأشخاص والتحدث بالسوء عنهم هو كالقتل ويقوم على الحقد أيضًا. إنه قتل من نوع آخر: بالثرثرة والتجريح والتشهير، ويسوع يحذرنا: "وَمَن قالَ لأَخيهِ: "يا أَحمَق" فهو يقتله لأنه تصرف نابع من الحقد!

أضاف الأب الأقدس يقول: هناك من يعتقد اليوم أن الوصيّة "لا تقتل" تعني فقط القتل بحدّ ذاته ولكن الأمر ليس كذلك، لأن الإهانة هي قتلٌ أيضًا. فالإهانة تولد من جذور الجريمة عينها: من الحقد! فإن لم تكن حقودًا لن تقتل عدوّك ولن تهين أخاك أيضًا. لكن الإهانة قد أصبحت عادة متداولة فيما بيننا، وهناك أشخاص يتفنّنون في الإهانة لدرجة لا تصدّق! وهذا أمر مؤذٍ... أما نحن فعلينا أن نكون واقعيّين وهذا معيار الواقعية، وصادقين فلا نقتل ولا نهين أحدًا!

أما المعيار الثالث الذي يعطينا إياه يسوع فهو معيار البنوة. فإن كان لا يجب علينا أن نقتل إخوتنا، فذلك لأننا أبناء الآب عينه، ولا يمكنني أن أقترب من الآب ما لم أكن بسلام مع أخي، ولا يمكنني أن أتكلّم مع الآب ما لم أكن بسلام مع أخي، ويسوع يقول لنا: "فإِذا كُنْتَ تُقَرِّبُ قُربانَكَ إِلى المَذبَح وذكَرتَ هُناكَ أَنَّ لأَخيكَ علَيكَ شيئًا، فدَعْ قُربانَكَ هُناكَ عِندَ المَذبح، واذهَبْ أَوَّلاً فصالِحْ أَخاك، ثُمَّ عُدْ فقَرِّبْ قُربانَك".

هذه هي إذًا المعايير الثلاث التي يطلبها منا يسوع: الواقعية والمصداقية والبنوة، وبعيشها سيزيد برّنا على برّ الكتبة والفريسيين. ليس برنامجًا سهلاً، لكنها الدرب التي يدعونا يسوع لنسيرها قدمًا. فلنطلب منه نعمة السير إلى الأمام بسلام ووفاق فيما بيننا ودائمًا بمصداقية وروح بنوّة!

إذاعة الفاتيكان