يسوع يأتي للقائنا وهو محور اللقاء «أضواء
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأحد القداس الإلهي في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد تقدمة يسوع إلى الهيكل واليوم العالمي الثامن عشر للحياة المكرسة، وألقى الأب الأقدس عظة استهلّها بالقول: يُسمى عيد تقدمة يسوع إلى الهيكل أيضًا عيد اللقاء: اللقاء بين يسوع وشعبه، عندما صعد يوسف ومريم بطفلهما إلى هيكل أورشليم تم أول لقاء بين يسوع وشعبه الممثل بالمسنَّين: سمعان وحنة. لقد كان هذا اللقاء أيضًا داخل تاريخ الشعب، لقاء بين الشباب والمسنين: الشباب هم مريم ويوسف مع طفلهما المولود حديثًا، والمسنّين هم سمعان وحنة، شخصان كانا يلازمان الهيكل.
تابع البابا فرنسيس يقول: لنتأمل في ما يقوله لنا عنهم الإنجيلي لوقا وكيف يصفهم. عندما يتكلم عن مريم العذراء ويوسف يكرر أربع مرات أنهما أرادا أن يتمما ما كُتِبَ في شَريعةِ الرَّبِّ (راجع لو2، 22. 23. 24. 27).
يمكننا أن نستشفَّ أن والدا يسوع يفرحان بالمحافظة على شريعة الرب، إنه فرح السير في شريعة الرب! هما زوجان حديثان وقد رزقهما الله طفلاً وتحركهما الرغبة في تطبيق ما كُتب، لا كفعل خارجيّ لمجرد تتميم الشريعة، لا! وإنما كرغبة قويّة وعميقة يملؤها الفرح، كما نقرأ في المزمور: "في طريق شهادتك سُررت...لأن شريعتك هي نعيمي" (مز 119، 14. 77).
أضاف الحبر الأعظم يقول: وماذا يقول القديس لوقا عن المسنَّين؟ يشدد أنهما منقادان للروح القدس. ويؤكد أن سمعان كان رجلٌ بارّ تَقيّ يَنتَظرُ الفرَجَ لإِسرائيل وأن "الرُّوحُ القُدُسُ نازِلٌ علَيه" (لو 2، 25) وأن "الرُّوحُ القُدُسُ كان قد أَوحى إِلَيه أَنَّه لا يَرى الموتَ قَبلَ أَن يُعايِنَ مَسيحَ الرَّبّ" (لو 2، 26)، و "أَتى الهَيكَلَ بِدافِعٍ مِنَ الرُّوح" (لو 2، 27). أما عن حنة فيقول إنها "نبيّة" (لو 2، 36) وبأنها كانت "لا تُفارِقُ الهَيكَل، مُتَعَبِّدَةً بِالصَّومِ والصَّلاةِ" (لو 2، 37). إنهما مسنّان تملؤهما الحياة! تملؤهما الحياة لأن الروح القدس يحركهما وهما طائعان لعمله ويشعران بإلهاماته...
تابع البابا فرنسيس يقول: وتم اللقاء بين العائلة المقدسة وممثلَي شعب الله المقدس وكان يسوع محوره. فهو الذي يحرّك كلّ شيء، ويجذب الطرفين إلى الهيكل، بيت أبيه. إنه لقاء بين شابين يملؤهما فرح تطبيق شريعة الرب ومسنين يملؤهما فرح عمل الروح القدس. إنه لقاء فريد بين الطاعة والنبوءة! في الواقع، إن تأملنا جيّدًا نجد أن طاعة الشريعة يحركها الروح عينه، والنبوءة تسير في الدرب الذي ترسمه الشريعة.
إخوتي وأخواتي الأعزاء، في ضوء هذا المشهد الإنجيلي، لننظر إلى الحياة المكرسة كلقاء مع المسيح: هو يأتي إلينا، يحمله يوسف ومريم، ونحن نذهب إليه يقودنا الروح القدس: هو محور اللقاء، فهو الذي يحرّك كلّ شيء، ويجذبنا إلى الهيكل، إلى الكنيسة حيث يمكننا أن نلتقيه ونتعرف إليه، نقبله ونغمره.
يسوع يأتي للقائنا في الكنيسة من خلال موهبة مؤسسة ما: ومن الجميل أن نفكر بدعوتنا بهذا الشكل! فلقاؤنا بالمسيح قد تم في الكنيسة من خلال موهبة شاهد أو شاهدة له، وهذا الأمر يدهشنا دائمًا ويجعلنا نشكر الله. في الحياة المكرّسة نعيش أيضًا اللقاء بين الشباب والمسنّين، بين الطاعة والنبوءة.
لذا ليس علينا أن نراهما كواقعين متضاربين! لنسمح للروح القدس بأن يحركهما فنعيش الفرح: فرح الطاعة والسير في قانون حياة، وفرح الانقياد للروح القدس، دون انغلاق، منفتحين دائمًا على صوت الله الذي يكلمنا ويفتحنا ويقودنا... من الجيّد أن ينقل المسنين الحكمة للشباب، وأن يجمع الشباب هذا الإرث من الخبرة والحكمة ويحملوه إلى الأمام مواجهين تحديات الحياة، ويحملوه إلى الأمام من أجل خير عائلاتهم الرهبانيّة والكنيسة. لتنرنا نعمة هذا السر، سرّ اللقاء، وتعزينا في مسيرتنا.
إذاعة الفاتيكان