نظرة أولى إلى الإرشاد الرسولي فرح الإيمان للبابا فرنسيس (8) «أضواء
التجارب التي يواجهها المبشرون بحسب البابا فرنسيس
في القسم الثاني من الفصل الثاني من الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" يركز البابا على التجارب التي يتعرض لها العاملون الرعويون. وقد شاء في مطلع هذا القسم أن يعبر عن شكره لكل الذين يقومون بجهد جبار وذكر البابا في العدد 76 من الإرشاد أن "ألمنا وخجلنا بسبب خطايا بعض أعضاء الكنيسة، وخطايانا الشخصية، لا يجب أن يجعلنا ننسى العدد الكبير من المسيحيين الذين يهبون حياتهم حباً".
أراد البابا أن يسلط الضوء على بعض التجارب، فبدأ متحدثًا عن خطر "البحث المفرط عن الفسحات الفردية، الاستقلالية الذاتية والاستجمام" وهي أمور تجعلنا نعيش التزاماتنا "كمجرد حاشية في حياتنا، وكأنها ليست جزءًا من هويتنا".
وخطر آخر يتجسد في تحول الحياة الروحية إلى خبرة ارتياح لا تغذي اللقاء مع الآخرين، الالتزام في العالم والتوق للتبشير. ولذلك يمكننا أن نلحظ في الكثير من المبشرين، رغم أنهم يصلون، ازديادًا في الانفرادية، آزمة هوية، وهمود في الحماسة. وهي شرور تغذي بعضها البعض.
بسبب نظرة وسائل الإعلام السلبية إلى الكنيسة، يعيش بعض المبشرين نوعًا من "عقدة نقص" تقودهم إلى إخفاء هويتهم المسيحية وقناعاتهم. تتولد بهذا الشكل حلقة مفرغة، لأنهم لا يجدون الفرح في ما يفعلونه، ولا يشعرون بأنهم مرتبطين شخصيًا برسالة التبشير، وهذا الأمر يضعف الالتزام.
"المشكلة ليست دومًا كثرة المسؤوليات والنشاطات، بل خاصة المسؤوليات والنشاطات المعاشة بشكل سيء، دون الدوافع المناسبة، دون روحانية تنعش العمل وتجعله مرغوبًا". والعديد من الأشخاص يفقدون التواصل المباشر والحقيقي مع الناس، وبالتالي يُفرغون العمل الرعوي من طابعه الشخصاني. مع الوقت، يقع هؤلاء الأشخاص في شرك البرغماتية الجافة وتنمي فيهم "نفسية المدفن" التي تحول المسيحيين رويدًا رويدًا إلى "مومياء متحف".
خطر آخر يحدق بالعامل الرعوي هو "التشاؤم العاقر". وفي هذا الإطار يذكر البابا بأن الشر الموجود في العالم، لا يجب أن يخفف من التزامنا وحماستنا. فما من أحد يبدأ معركة ما إذا كان يعرف في الأصل أنه لن ينجح ولن ينتصر. يجب أن نذكر قول الرب لبولس، والذي يوجه اليوم إلينا: "تكفيك نعمتي، فالقوة تظهر في الضعف" (2 كور 12، 9).
كما ويتحدث البابا عن تحدي وسائل الاتصالات الحديثة التي لا يجب أن تحل مكان اللقاء الشخصي بل يجب ترجمة زيادة امكانيات التواصل في زيادة بفرص اللقاء والتعاضد مع الجميع. "فالإنجيل يدعونا دومًا لأن نقوم بمجازفة اللقاء بوجه الآخر".
التحدي اليوم ليس الإلحاد، بل هو أن نساعد الناس لكي لا يطفئوا عطشهم الروحي ويروه من خلال خبرات خادعة. فإذا لم يجدوا في الكنيسة روحانية تشفيهم، تروي غليلهم، تحررهم، تملأهم حياةً وسلامً وتجعلهم يدخلون في شركة حياة، سيقعون عاجلاً أم آجلاً في أفخاخ خبرات لا تؤنسن ولا تمجد الله.
إلى جانب هذه التحديات والتجارب يتطرق البابا إلى خطر تغلغل روح العالم في العمل الروحي، حيث يضحي الأمر الأهم هو الإحصاءات والأعداد والنجاح والظهور. وتحدث أيضًا عن الصراعات الداخلية في جماعة المؤمنين التي تناقض رغبة الرب بأن "يكونوا كلهم واحدًا، حتى يؤمن العالم".
وبالحديث عن تحديات الجماعة الكنسية أشار البابا إلى دور العلمانيين وضرورة تحرر الكنيسة من النظرة المتمحورة حول الإكليروس فقط. وشدد أيضًا على أهمية دور المرأة في العمل الكنسي.
وبعد أن تحدث عن مختلف التحديات، ختم البابا الفصل بالقول: "إن التحديات موجودة لكي نتخطاها. فلنكن واقعيين، ولكن دون أن نفقد الفرح، الشجاعة والالتزام الكامل للرجاء! لا نسمح لشيء أن يسرق قوتنا الإرسالية!"
موقع Zenit - روبير شعيب