نظرة أولى إلى الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل للبابا فرنسيس (9) «أضواء
الكنيسة هي غنى في التنوع ولا يمكن أن تُختزل بطقس كنسي واحد:
بعد التحليل الغني الذي يكرسه للإطار والبيئة التي نعيش فيها والتي يجب أن نعلن فيها الإنجيل، ينتقل البابا فرنسيس في الفصل الثالث من الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" إلى الحديث عن "إعلان الإنجيل" ويبدأ مشددًا أنه "ما من تبشير حق ما لم يتم الاعتراف الواضح بأن يسوع هو الرب" وإذا لم يكن هناك "أولية لإعلان يسوع المسيح في كل عمل تبشيري".
ويعبر الأب الأقدس في هذا الفصل عن فهمه لدور الكنيسة التبشيري انطلاقًا من تسليط الضوء على الخلاص كفعل رحمة من الله الذي يجذبنا إلى ذاته بموهبة رحمة كبيرة. والكنيسة في هذا الصدد هي مُرسلة من يسوع المسيح لكي تعلن عن سر خلاص الله هذا. وعليه فعمل الكنيسة التبشيري هو التعاون لكي تكون "وسيلة النعمة الإلهية". يجب دومًا أن نشدد على "أولوية النعمة الإلهية".
ما من أحد ينال الخلاص لوحده، الله يدعونا إلى الخلاص ويجذبنا من خلال شبكة كبيرة من العلاقات الشخصية التي تتطلب العيش في جماعة بشرية. ويسوع لا يدعو تلاميذه لكي يؤلفوا مجموعة نخبة (élite) بل يدعوهم لكي "يتلمذوا كل الشعوب" (مت 28، 19). والكنيسة يجب أن تكون "موضع الرحمة المجانية، حيث يستطيع الجميع أن يشعروا بالقبول، بالمحبة، بالغفران وبالتشجيع لعيش حياة الإنجيل الصالحة".
نعمة الله تتطلب الثقافة، وهبة الله تتجسد في ثقافة من يتلقاها، وعلى مدى ألفي سنة، نرى أن الإنجيل قد تجسد في الثقافات المختلفة وليس بشكل واحد ينطبق على كل الثقافات دون أن يخون بهذا الشكل طبيعته الخاصة.
من خلال الثقافة تُدخل الكنيسة الشعوب على اختلافها في حياتها الجماعية لأن الأبعاد الإيجابية لكل ثقافة تُغني الطريقة التي يتم فيها إعلان الإنجيل، فهمه وعيشه.
كلمات البابا هذه، هي ثورية لأنها تعني أنه لا يجب العمل – مثلما تم في السابق – على جعل كل الشعوب مطابقة لطقس معين في الكنيسة (وهذا الطقس السائد كان الطقس اللاتيني، الذي قيل فيه حتى أنه "أسمى الطقوس") بل على احترام غنى تقاليد وتنوع عادات الشعوب في قبولها وعيشها للإنجيل لأنه – كما يصرح البابا – "لا يمكن لثقافة واحدة أن تجسد بالكامل سر فداء المسيح".
موقع Zenit - روبير شعيب