نستطيع كل شيء بذاك الذي يقوّينا! «أضواء

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول: لقد تأمّلنا معًا حول أول ثلاث مواهب يمنحنا إيّاها الرّوح القدس: الحكمة والفهم والمشورة. واليوم سنتأمّل حول ما يفعله الرّبّ معنا: فهو يأتي دائمًا ليعضدنا في ضعفنا، من خلال موهبة خاصة وهي موهبة القوة!

تابع الأب الأقدس يقول: هناك مَثَل يخبرنا إيّاه يسوع ويساعدنا على فهم أهميّة هذه الموهبة. خرج زارع ليزرع ولكن لم تُثمر كل البذار التي زرعها، وقع بعض الحب على جانب الطريق وأكلته طيور السماء، ومنه ما وقع على الصخر فما إن نبت حتى يبس، ومنه ما وقع بين الشوك فنبت الشوك معه وخنقه. وحده الحب الذي وقع على الأرض الطيّبة أنبت وأثمر (راجع مرقس 4، 3- 9؛ متى 13، 3- 9؛ لوقا 8، 4- 8).

وكما يشرح يسوع لتلاميذه فهذا الزارع يمثّل الآب الذي يوزّع بغزارة بذار كلمته. لكنّ هذا الحَب غالبًا ما يصطدم بجفاف قلوبنا وحتى عندما نقبله فهناك الخطر بأن يبقى عقيمًا. لكن وبفضل موهبة القوة يحرّر الرّوح القدس أرض قلبنا من الفتور والشكوك وجميع المخاوف التي يمكنها أن تكبحه، لكي نعيش كلمة الرّبّ بشكل حقيقي وفرِح، فبهذه الموهبة ننال القوة التي تحرّرنا!

أضاف الحبر الأعظم يقول: هناك أيضًا أوقات صعبة وحالات خطيرة تظهر فيها موهبة القوة بشكل مميّز ومثالي، شأن الذين يواجهون خبرات قاسية وأليمة تُدمّر حياتهم وحياة أحبّائهم. فالكنيسة تسطع بشهادة العديد من الإخوة والأخوات الذين لم يتوانوا عن بذل حياتهم ليبقوا أمناء للرّبّ وإنجيله.

حتى في يومنا هذا لا يزال هناك مسيحيون في أنحاء عديدة من العالم يواصلون الاحتفال بإيمانهم وبالشهادة له بثقة وطمأنينة ويصمدون حتى عندما يعرفون أنّ هذا يتطلّب منهم دفع ثمن أغلى. نحن جميعًا نعرف أشخاصًا عاشوا ظروفًا صعبة ومؤلمة. لنفكر في أولئك الرجال والنساء الذين يعيشون حياة صعبة ويكافحون ليحملوا عائلاتهم إلى الأمام ويربّوا أولادهم، هم يقومون بهذا بمساعدة روح القوة!

كم من الرجال والنساء الذين نجهل أسماءهم ولكنهم يشرّفون شعبنا وكنيستنا لأنهم أقوياء: أقوياء في عيش حياتهم وفي عائلاتهم وعملهم وإيمانهم. إنّ إخوتنا وأخواتنا هؤلاء هم قديسو الحياة اليومية ويعيشون في الخفاء بيننا، لقد نالوا موهبة القوة ليتمموا واجبهم كأشخاص، كآباء وأمهات، كإخوة وأخوات وكمواطنين.

وعددهم كبير جدًّا! نشكر الرّبّ على هؤلاء المسيحيين الذين يعيشون القداسة في الخفاء لأنّ الروح القدس هو الذي يقودهم قَدَمًا في مسيرتهم. وسيساعدنا أن نتأمّل بهؤلاء الأشخاص وبحياتهم ونفكّر: إن كانوا قادرين على فعل هذه الأمور فلماذا لا يمكنني أنا أيضًا أن أقوم بها؟ ولنطلب من الرّبّ أن يمنحنا نعمة القوة.

تابع البابا فرنسيس يقول: لا يجب أن نفكر بأنّ موهبة القوة ضرورية فقط في ظروف معينة وخاصّة، وإنما يجب على هذه الموهبة أن تشكّل أساس كياننا المسيحي في بساطة حياتنا اليوميّة. فكما قلت لكم علينا أن نكون أقوياء جميع أيام حياتنا لنحمل حياتنا إلى الأمام وعائلتنا وإيماننا.

يكتب القديس بولس جملة سيساعدنا كثيرًا أن نسمعها: "أستطيع كلّ شيء بذاك الذي يقوّيني" (فيليبي 4، 13). لنتذكر دائمًا إذاً في بساطة حياتنا اليومية وأمام الصعوبات أننا "نستطيع كلّ شيء بذاك الذي يقوّينا"، لأن الرّبّ يعطينا القوة دائمًا، وهو لا يسمح بأن نُجرّب بما يفوق قدرتنا على الإحتمال، هو معنا دائمًا ونحن نستطيع كلّ شيء بذاك الذي يقوّينا!

وختم الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول: أيها الأصدقاء الأعزّاء، قد نسمح أحيانًا للكسل والوهن بأن يجرّباننا لاسيّما أمام التعب وتجارب الحياة. لا نفقدنَّ الشجاعة في هذه الظروف ولنستدعينَّ الرّوح القدس لكيما يرفع قلوبنا بواسطة موهبة القوة ويمنحنا قوة جديدة ودفعًا لحياتنا ولإتّباعنا ليسوع!

إذاعة الفاتيكان