مسيرة المجوس هي مسيرة كل إنسان «أضواء

ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين الذبيحة الإلهية في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان لمناسبة عيد الدنح وألقى عظة استهلها بالقول: ترمز مسيرة ملوك الشرق إلى مصير كل إنسان: لأن حياتنا هي مسيرة تُنيرها أنوار تُضيء لنا الطريق لنجد ملء الحقيقة والحب، اللذين نعترف بهما نحن المسيحيون بيسوع نور العالم.

وإنما من الأهمية بمكان أن نكون متنبهين وساهرين ومصغين إلى الله الذي يكلمنا، كما نقرأ في المزمور: "كلمتك مصباح لخطايَ ونور لسبيلي" (مز 119، 105). وخصوصًا عندما نصغي إلى الإنجيل ونقرؤه ونتأمل به فيصبح غذاؤنا الروحي الذي يسمح لنا بأن نلتقي بيسوع الحيّ ونختبره ونختبر حبّه.

تابع البابا فرنسيس يقول: تردد القراءة الأولى صدى نداء الله لأورشليم على لسان النبي أشعيا: "قومي استنيري" (أشعيا 60، 1). فأورشليم مدعوة لتكون مدينة النور التي تعكس نور الله على العالم وتساعد البشر على السير في طرقه، وهذه هي دعوة شعب الله ورسالته في العالم.

أضاف الأب الأقدس يقول: يخبرنا الإنجيل أنه عند وصولهم إلى أورشليم أضاع المجوس النجم الذي كان يقودهم، لاسيما وأن نوره غائب عن قصر هيرودس الملك: ذلك المسكن المظلم، حيث يملك الظلام والريبة والخوف. في الواقع يبدو هيرودس مضطربًا لولادة طفل هش يعتبره خصمًا له. لكن يسوع في الحقيقة لم يأت ليدمر هيرودس وإنما أمير هذا العالم!

أضاف الحبر الأعظم يقول: لقد عرف المجوس كيف يتخطون لحظة الظلام الخطيرة لدى مثولهم أمام هيرودس لأنهم آمنوا بالكتب المقدسة وبكلام الأنبياء الذين أعلنوا أن المسيح سيولد في بيت لحم. وهكذا نجوا من ظلمة ليل العالم وتابعوا طريقهم نحو بيت لحم فرأوا النجم مجدّدًا و"فرحوا فرحًا عظيمًا جدًا" (متى 2، 10).

تابع البابا فرنسيس يقول: يتخذ النور الذي يقودنا في مسيرة الإيمان شكّل "الحنكة الروحية" التي تسمح لنا بالتنبّه للأخطار وتفاديها. لقد عرف المجوس كيفية استعمال هذا النور عندما قرّروا ألا يرجعوا إلى قصر هيرودس المظلم وإنما انصرفوا في طريق آخر إلى بلادهم.

يعلمنا هؤلاء الحكماء القادمين من الشرق كيفية عدم السقوط في فخاخ الظلمات وكيفية الدفاع عن أنفسنا من الظلام الذي يحاول أن يغمر حياتنا. لقد حافظوا بحنكتهم هذه على الإيمان وهكذا نحن أيضًا علينا أن نحافظ على الإيمان بالصلاة وأعمال المحبة. علينا أن نقبل نور الله في قلوبنا وأن ننمي فيها في الوقت عينه تلك "الحنكة الروحية" التي تجمع بين البساطة والذكاء والتي يطلبها يسوع من تلاميذه: "كونوا كالحيّات حاذقين وكالحمام ساذجين" (متى 10، 16).

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لنشعر، في عيد الدنح الذي نذكر فيه ظهور يسوع للبشريّة في وجه طفل صغير، بقرب المجوس منا كرفاق درب حكماء. وليساعدنا مثالهم على رفع أنظارنا نحو النجم ولإتباع رغبات قلبنا الكبيرة، وليعلموننا ألا نكتفي بحياة وضيعة بل أن نسمح دائمًا لكل ما هو صالح وحقيقيّ وجميل ! وأن يعلموننا أيضًا ألا نسمح للمظاهر ولكل ما هو في العالم كبير وحكيم وقوي بأن يخدعنا. علينا أن نذهب أبعد من ذلك، نحو بيت لحم حيث في بساطة بيت في الضواحي بين أم وأب يملؤهما الحب والإيمان تسطع الشمس المشرقة من علو: ملك الكون. لذا وعلى مثال المجوس لنبحث عن النور بواسطة أنوارنا الصغيرة!

إذاعة الفاتيكان