لتساعدنا مريم العذراء لنكون أمناء للحرية الملوكية التي نلناها يوم العماد «أضواء
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلّي القداس الإلهي بمناسبة عيد إنتقال العذراء في استاد دايجون بحضور حشد كبير من المؤمنين وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة إستهلها بالقول: بالإتحاد مع الكنيسة بأسرها نحتفل بانتقال العذراء بالنفس والجسد إلى مجد السماء.
إن انتقال مريم يظهر لنا مصيرنا كأبناء الله بالتبني وأعضاء في جسد المسيح. وعلى مثال مريم أمنا نحن مدعوون لنشارك بشكل كامل في انتصار الرّبّ على الخطيئة والموت ولنملك معه في ملكوته الأبدي. هذه هي دعوتنا.
إن "العلامة العظيمة" التي تقدمها لنا القراءة الأولى تدعونا للتأمل بمريم المكللة بالمجد بالقرب من إبنها الإلهي. وتدعونا أيضًا لنتيقن حول المستقبل الذي لا يزال حتى اليوم يفتحه الرّبّ القائم من الموت أمامنا. يحتفل الكوريون، وبحسب التقليد، بهذا العيد في ضوء خبرتهم التاريخية، معترفين بشفاعة مريم المُحبة والتي تعمل في التاريخ والأمة وحياة الشعب.
أضاف الحبر الأعظم لقد سمعنا في القراءة الثانية القديس بولس يؤكد بأن المسيح هو آدم الجديد الذي بطاعته لمشيئة الآب هدم ملكوت الخطيئة والعبودية وافتتح ملكوت الحياة والحرية.
فالحرية الحقيقية نجدها في القبول المحب لمشيئة الآب، ومن مريم، الممتلئة نعمة، نتعلم بأن الحرية المسيحية هي أكثر من مجرد تحرّر بسيط من الخطيئة، إنها الحرّية التي تفتحنا على عالم روحي جديد، حرية محبة الله والإخوة والأخوات بقلب نقي والعيش بفرح رجاء مجيء ملكوت المسيح.
اليوم وإذ نكرم مريم سلطانة السماء، نتوجه إليها كأم الكنيسة في كوريا، ونسألها أن تساعدنا لنكون أمناء للحرية الملوكية التي نلناها يوم العماد، وأن تقود جهودنا لتحويل عالمنا بحسب مشروع الله وتجعل الكنيسة في هذه البلاد قادرة على أن تكون خميرة ملكوته في داخل المجتمع الكوري.
ليكن مسيحيو هذه الأمة قوة تجدد روحيٍّ سخيّة في المجتمع، وليحاربوا سحر المادية التي تخنق القيم الروحية والثقافية الحقيقية وروح التنافس الذي يولِّد أنانية ونزاعات. وليرفضوا النماذج الاقتصادية اللا-إنسانية التي تخلق أشكال فقر جديدة وتهمش العمال، وثقافة الموت التي تشوّه صورة الله، إله الحياة وتنتهك كرامة كل رجل وامرأة وطفل.
وأضاف البابا يقول: ككاثوليك كوريين، ورثة تقليد نبيل، أنتم مدعوون لتثمين هذا الإرث ونقله للأجيال المستقبليّة. وهذا يتطلب من كل فرد ضرورة إرتداد متجدّد لكلمة الله واهتمام قوي نحو الفقراء والمعوزين والضعفاء الذين يعيشون بيننا.
تابع البابا فرنسيس يقول: في احتفالنا بهذا العيد نتحد مع الكنيسة بأسرها المنتشرة في العالم وننظر إلى مريم كأم رجائنا، لأن نشيدها يذكّرنا بأن الله لا ينسى أبدًا وعود رحمته، فمريم تستحق الطوبى لأنها: "آمنت بتمام ما بلغها من عند الرّبّ" (لوقا 1، 45).
وبها ظهرت حقيقة الوعود الإلهية كلها. وبتكليلها بالمجد تظهر لنا أن رجاءنا حقيقيّ وبأن هذا الرجاء يمتد منذ الآن كمرساة أمينةٍ متينة لحياتنا (راجع عبرانيين 6، 19) حيث يقيم المسيح في المجد.
وختم البابا فرنسيس عظته بمناسبة عيد انتقال العذراء بالقول: هذا الرّجاء، أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، الرّجاء الذي يقدمه الإنجيل هو العلاج ضدّ روح اليأس الذي بدأ ينمو كمرض عضال وسط مجتمع يبدو غنيًا من الخارج ولكنه غالبًا ما يختبر من الداخل المرارة والفراغ.
وكم من شبابنا يدفعون ثمن هذا اليأس! ليتمكن الشباب المجتمعون معنا اليوم، في هذه الأيام بفرحهم وثقتهم من ألا يُحرموا أبدًا من رجائهم! لنتوجه إلى مريم، أم الله، ولنسألها نعمة أن نفرح بحرية أبناء الله، وأن نستعمل هذه الحرية بشكل حكيم لنخدم إخوتنا وأخواتنا ونعيش ونعمل لنصبح علامات رجاء، ذلك الرجاء الذي يجد كماله في الملكوت الأبدي حيث المُلك هو الخدمة.
إذاعة الفاتيكان