كلمات البابا فرنسيس عن الكهنة ودورهم «أضواء
منذ بداية حبريّته وحتى اليوم تحدث البابا فرنسيس باستمرار عن دور الكهنة والذين بحسب رأيه عليهم أن يكونوا رعاة متواضعين في خدمة قطيعهم. لقد دخلت كلمات البابا هذه في حياة الكنيسة اليوميّة والإنجيل الذي نقرأ فيه كيف دَعا يَسوعُ تَلاميذَه الإثني عَشَر، وأَولاهُم سُلطانًا يَطرُدُونَ بِه الأَرواحَ النَّجِسَة، ويَشْفونَ النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وعِلَّة – ليس إلا تأكيدًا لكلمات البابا فرنسيس هذه.
المفهوم بسيط: فبالرغم من أن التقدم التكنولوجي قد جعلنا ننظر بنوع من الخوف نحو من يقوم بعمل يدوي، "يوسخ يديه" وتفوح منه رائحة عمله: رائحة الأرض المحروثة حديثًا، رائحة السمك، أو رائحة القطيع، رائحة الحطب والجلد، روائح تميّز الفلاح والصيّاد والراعي وكل عامل يدوي، روائح أصبحت كـ "بشرة" ثانية لهؤلاء الأشخاص، وهذه هي الـ "بشرة" التي يريدها البابا فرنسيس للكاهن كما أكّد في عظته مترئسًا قداس تبريك الزيوت يوم خميس الأسرار: "هذا ما أطلبه منكم: كونوا رعاةً برائحة القطيع".
على الكاهن إذا أن يتميّز برائحة الأنفس التي أوكلت إليه العناية بها، ويتابع البابا فرنسيس ويقول "كما عليه أن يتميّز أيضًا بشذا زيت المسيح، الممسوح من الله الذي أتى ليمسح البشريّة بجوهره الإلهيّ. فالكاهن الصالح يُعرف من خلال مسحة شعبه، وهذه هي العلامة الواضحة: فعندما يُمسح شعبنا بزيت الفرح يمكننا أن نرى ذلك: إذ يخرج المؤمنون من القداس وعلى وجوههم علامة من نال بشرى سارة، وعندما يتنشقون رائحة المسيح التي تصلهم من خلالنا فهم يتشجعون ليسلّموا كل شيء للرب، والتعابير التي نسمعها: "صلي من أجلي يا أبت" أو "باركني يا أبت" هي العلامة بأن المسحة قد وصلت إلى "طرف الرداء" لتتحول إلى تضرع، تضرع شعب الله. ويضيف البابا: الكاهن الذي يخرج قليلاً من ذاته، ويمسح قليلاً، يصبح مجرّد شخص يتوسط أو مدير بدل من أن يكون الوسيط.
والكاهن-المدير هي إحدى أكثر مظاهر الخدمة الكهنوتيّة التي تقلق البابا فرنسيس، لأن الرائحة التي تفوح من ملابس هذا الكاهن تجعلنا نفهم بأنه شخص ذو مقام مرموق اجتماعيًّا ولكنه بعيد كل البعد عن كونه مسيحيّ لأن رائحة الراعي هي واحدة: كونوا رعاة لا أجراء! كونوا وسطاء ولا متوسّطين! ضعوا دائمًا نصب أعينكم مثال الراعي الصالح الذي لم يأتِ ليُخدَم بل ليَخدُم، وليخلص ما كان ضائعًا.
يخبرنا الإنجيل، يقول البابا فرنسيس، عن الراعي الذي، ولدى عودته إلى الحظيرة تنبه إلى أن أحد الخراف قد ضل فيترك التسعة والتسعين ويمضي في طلب الضال. لقد مضى يطلب خروفًا واحدًا ولكن، يتابع الأب الأقدس ويقول منبهًا الجميع، لدينا خروف واحد وينقصنا التسعة والتسعون! علينا أن نخرج، علينا أن نذهب في طلبهم. إنها مسؤولية كبيرة وعلينا أن نطلب من الرب نعمة السخاء والشجاعة والصبر للخروج وإعلان الإنجيل. إنه أمر صعب! من الأسهل أن نبقى في البيت مع ذلك الخروف الوحيد، ندلّله ونسرّح له صوفه... ولكن الرب يريدنا نحن الكهنة، وأنتم المسيحيون جميعا، رعاةً لا مُسرّحين لصوف الخراف، يريدنا رعاة!
وكما أن القطيع بحاجة للراعي كذلك الراعي لا وجود له بدون قطيع ليرعاه: فالأسقف هو أسقف للشعب، والكاهن هو كاهن للشعب: ليخدم وينمي ويرعى الشعب أي قطيعه الخاص وليحميه من الذئاب. عندما يقوم الأسقف بدوره والكاهن بدوره تولد بينهما وبين الشعب علاقة محبّة حقيقيّة وتصبح الكنيسة أكثر اتحادًا.
إذاعة الفاتيكان