قيامةُ السيّد المسيح «أضواء

  

 

 

 

قيامةُ السيّد المسيح هي الحدث الخلاصي الأعظم، منها واليها أحداث خلاصنا كافة. القيامة هي عيد الأعياد، منها وإليها أعياد سنتنا الطقسية كلّها، لأنّ كل احتفال ليتورجي لا يتمّ إلاّ في حضور المسيح القائم الممجّد، المسيح الروح، المسيح الربّ، باكورة الراقدين.

قيامةُ المسيح هي العبور من الموت الى الحياة، من الصلب والقبر الى الصعود والمجد. بالمسيح ومثل المسيح، كلُّ مؤمن يَعْبُرُ سرّيّاً بماء العماد الى خليقة جديدة تتألّق فيها، كما في الخلق الأول، صورةُ الله..

قيامةُ المسيح انتصار على الموت وَعَتْقٌ من العبودية، لأنّ المسيح، بنزوله الى مقرّ الاموات، حطّم سلطان الموت، وخلّص منه آدم، أي البشرية برمّتها وحرّرها من أسر الجحيم...

قيامةُ المسيح مصدر فرح وسلام للخليقة كلّها، لأنّ المسيح، بانتصاره على الموت وعلى الشرّير، صالح العالَم مع أبيه. ولذا كانت كلمته الأولى لتلاميذه بعد قيامته: " السلام معكم "، تؤكّد أن القيامة بشرى السلام، والنصرُ بعد الآلام...

قيامةُ المسيح مصدر نور وإشعاع، لأنّ نور القيامة بدّد ظلام الليل القديم وأنار الكون كلّه، فتألّقت عليه مجدّدًا صورة الخالق...

قيامةُ المسيح عربون قيامتنا الأخيرة، لأنّ المسيح هو البكر من الأموات وهو علّة قيامتنا وتمجيدنا. ونحن، بالمعمودية، قبلنا الحياةَ بدايةً للحياة الأبدية مع الآب، وعربونًا لها..

اعتادت الكنيسة في الأجيال المسيحية الأولى أن تعيّد القيامة كلّ نهار أحد حيث يجتمع المؤمنون لكسر الخبز وذكر موت الربّ وقيامته. فالأحد هو يوم الربّ، يوم المسيح الحيّ الممجّد بالقيامة من بين الأموات.

في بداية القرن الثالث، حوّلت الكنيسةُ هذا العيد الاسبوعي الى عيد  سنوي يدوم خمسين يوماً من الأحد الواقع بعد الرابع عشر من شهر نيسان. والخمسون يوماً عيدُ قيامة الربّ: وما القبر الفارغ والظهورات والصعود الى السماء والتمجيد عن يمين الآب وإرسال الروح القدس البارقليط إلاّ أحداث منوّعة لسرّ واحد، سرّ المسيح الممجّد.

وفي منتصف القرن الرابع، وزّعت الكنيسة الخمسين يوماً على الأعياد التالية: أحد القيامة الكبير، أسبوع الحواريين او الأسبوع الأول بعد القيامة، الأحد الجديد أو اليوم الثامن، خميس الصعود وأحد العنصرة.

والكنيسة، اذ تحتفل بسرّ فاديها الأعظم، تدرك أنّ سرّها متّحد بسرّ قيامة فاديها. وعندما تحتفل بقيامة الرب، لا تتذكّر فقط إنتصاره على الموت والشيطان، بل إنّها تحتفل أيضًا بسرّ قيامها وحضورها في العالم. وما تجديد المسيح بالقيامة وتمجيده عن يمين الآب، إلاّ تجديد وتمجيد  لكلّ مؤمن بقيامة الربّ يسوع.

 من كتاب" زمن القيامة المجيدة"