صفات أبناء الله «أضواء

 

 

 

 

تدعونا رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس(أف 4: 1- 6). إلى أن نسير سيرةً تليق بالدعوة التي دُعينا إليها. فإذا كانت الدعوة هي أن نكون أبناء الله حقًّا، ما هي صفات إبن الله؟ إنّها التواضع والوداعة والصبر.

التواضع يختلف عن الوضاعة. التواضع هو عدم نسيان أنّ كلّ ما أحقّقه من نجاحاتٍ يعود إلى نعمة الله العاملة فيَّ، فلا أتباهى بإنجازاتي وكأنّني حقّقتها وحدي، ولا أستاء إذا لم يُشِد بها الناس، بل أفرح بها لأنّ نعمة الله أعطت ثمرًا. المتواضع يقتدي بقول المسيح: إذا فعلتم جميع هذه الأمور فقولوا: نحن عمّال بطّالون، ما فعلنا إلّا ما كان يجب علينا أن نفعله.

الوداعة لها رمز يشرحها. إنّها ليست وداعة الحمل ولا وداعة الحمام، بل وداعة الحمار. أجل. فالوداعة ليست ضعفًا. الوداعة قوّة تجبر العنيف على التخلّي عن شرّه. فالحمار لا يعتدي، ولكنّه لا يترك المعتدي يتصرّف على هواه، ويبالغ في عنفه ... لبطة واحدة أو عضّة، ويتوقّف العنيف عن عنفه. الوداعة لا تنفي استعمال العنف، ولكنّها تلجأ إليه في آخر المطاف لا في أوّله. فالعنف في نظرها ملجأ أخير غايته إيقاف مَن ينتهك حقوق الآخر وكرامته.

الصبر يعني التحمّل. إنّه الرجاء. هناك صبر سلبيّ أنتظر فيه أن تحدث معجزة وتتغيّر الأمور، وهناك صبر إيجابيّ أسعى فيه إلى التغيير والتحسين بدون يأسٍ حتّى وإن لم أحصل على النتائج مباشرةً. حين أصبر على الآخر أحترم إيقاع حياته وتاريخه وقدرته على التغيير. وأنتبه إلى الجهود التي يبذلها وأشجّعها حتّى وإن كانت نتائجها ضعيفة أو أقلّ ممّا أنتظره. فالبذرة حين تنمو لا تعطي ثمرها مباشرةً، بل تحتاج إلى وقتٍ، وتحتاج إلى صبرٍ.

والتوصية الأخيرة التي يعطينا القدّيس بولس إيّاها: إحتملوا بعضكم بعضًا بمحبّة. وكلمة محبّة هنا في غاية الأهمّيّة. أستطيع أن أحتمل الآخر راضخًا، يائسًا من إمكانيّة عمل الله فيه. أقبله كما هو بدون أن أرجو، وأعمل، كي يصير أفضل ممّا هو عليه. وأستطيع أن أتحمّله متكبّرًا متعاليًا، فلا أجعل مستواي من مستواه. إنّه تحمّل مملوء بالإحتقار.

على التحمّل أن يكون بمحبّة. أي برغبةٍ في أن تتغيّر الأمور وتصير أحسن. والمحبّة قابلة للتجريح. مَن أراد أن يحب، عليه أن يكون مستعدًّا لأن ينال الجروح، تمامًا على مثال المسيح، الذي تحمّل آلام الصلب وجروحه حبًّا بنا، لا لكي نظلّ كما نحن، بل ليخلّصنا ممّا نحن عليه، ويقيمنا إلى حياةٍ جديدة.

بقلم الأب سامي حلاّق اليسوعيّ