رسالة البابا فرنسيس إلى مدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد «أضواء

أطل البابا فرنسيس ظهر اليوم الأربعاء من على شرفة البازيليك الفاتيكانية ليوجه الرسالة البابوية التقليدية لمدينة روما والعالم لمناسبة عيد الميلاد المجيد قال البابا:المجد لله في العلى والسلام في الأرض للناس أهل رضاه (لوقا 2،14).

أيها الأخوة والأخوات في روما والعالم، ميلادا مجيدا!

أتبنى نشيد الملائكة، الذين ظهروا لرعاة بيت لحم في الليلة التي وُلد فيها يسوع. نشيد يوحد الأرض والسماء، موجها للسماء التسبيح والمجد، ولأرض البشر أمنية السلام.

أدعو الجميع للمشاركة في هذا النشيد: هذا النشيد هو لكل رجل وامرأة يسهرون الليل، ويأملون بعالم أفضل، ويعتنون بالآخرين ساعين إلى القيام بواجبهم بتواضع. المجد لله!

هذا ما يدعونا إليه عيد الميلاد قبل كل شيء: أن نرفع المجد لله، لأنه صالح وأمين ورحوم. في هذا اليوم أتمنى للجميع أن يتعرفوا على وجه الله الحقيقي، الآب الذي أعطانا يسوع. أتمنى للجميع أن يشعروا بأن الله قريب وأن يكونوا في حضرته، أن يحبوه ويعبدوه.

بإمكان كل واحد منا أن يمجد الله، خصوصا من خلال حياته، حياة مكرسة لمحبة الله والأخوة.

السلام للبشر.

السلام الحقيقي ليس توازنا بين قوى مضادة. ليس "واجهة" جميلة، تختبئ وراءها تناقضات وانقسامات. السلام التزام يومي يتواصل انطلاقا من عطية الله، من نعمته التي وهبنا إياها في يسوع المسيح.

من خلال النظر إلى الطفل في المغارة، نفكر بالأطفال أكثر ضحايا الحروب هشاشة، نفكر أيضا بالعجزة، بالنساء اللواتي تُساء معاملتهن، بالمرضى ... الحروب تقضي على حياة الكثيرين وتلحق بها الضرر!

لقد قضى الصراع في سورية على حياة الكثيرين في الفترة الأخيرة، مغذّيا الحقد والثأر. فلنواصل الصلاة إلى الرب كي يجنّب الشعب السوري الحبيب المزيد من الآلام وكي تضع الأطراف المتناحرة حدا للعنف وتضمن الحصول على المساعدات الإنسانية. لقد اختبرنا قوة الصلاة! ويسرّني أن ينضم اليوم إلى ابتهالنا السلام لسورية مؤمنون ينتمون إلى مختلف الطوائف الدينية. دعونا لا نفقد أبدا شجاعة الصلاة! شجاعة القول: يا رب امنح سلامك لسورية والعالم كله. وأدعو غير المؤمنين أيضا للتوق إلى السلام، مع رغبتهم هذه التي توسّع القلب: جميعنا متّحدون، أكان بواسطة الصلاة أو من خلال الرغبة. جميعنا متحدون من أجل السلام.

امنح السلام لجمهورية أفريقيا الوسطى، التي غالبا ما ينساها البشر. لكنك أنت يا رب لا تنسى أحدا! وتريد أن تحمل السلام أيضا إلى تلك الأرض الممزقة بدوامة من العنف والبؤس، حيث العديد من الأشخاص يفتقرون إلى المسكن والمياه والطعام، وأدنى متطلبات العيش. عزز التوافق في جنوب السودان، حيث التوترات الراهنة ولدّت العديد من الضحايا وتهدد التعايش السلمي في هذه الدولة الفتية.

يا أمير السلام، بدّل قلوب من يمارسون العنف أينما وُجدوا كي يلقوا السلاح وتُسلك درب الحوار. انظر إلى نيجيريا، الممزقة بهجمات متواصلة لا توفّر الأبرياء والعزل. بارك الأرض التي اخترتها لتأتي إلى هذا العالم واسمح لمحادثات السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين أن تؤدي إلى نتائج سارة. ضمد جراح العراق الحبيب، الذي ما يزال يعاني من اعتداءات متكررة.

يا رب الحياة، احفظ المضطهَدين من أجل اسمك. امنح الأمل والعزاء للاجئين والمهجرين، لاسيما في منطقة القرن الأفريقي وفي شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. ساعد المهاجرين الباحثين عن حياة كريمة على إيجاد حسن الضيافة والمساعدة. ولا تتكررن أبدا مآس كتلك التي شهدناها هذا العام، حيث قضى العديد من الأشخاص في لامبيدوزا!

يا طفل بيت لحم، لامس قلب المتورطين في عمليات الاتجار بالكائنات البشرية، كي يُدركوا مدى خطورة هذه الجريمة ضد الإنسانية. وجّه نظرك نحو العديد من الأطفال الذين يُخطفون، يُصابون ويُقتلون في الصراعات المسلحة، ومن يحوَّلون إلى جنود، وتُسلب منهم طفولتهم.

يا رب السماء والأرض، انظر إلى كوكبنا هذا، الذي غالبا ما يستغله طمع وجشع البشر بطريقة عشوائية. ساعد وحافظ على ضحايا الكوارث الطبيعية، خصوصا الشعب الفيليبيني العزيز، الذي ضربه مؤخرا إعصار خطير.

أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، في هذا العالم وفي هذه البشرية وُلد اليوم المخلص، الذي هو المسيح الرب. فلنتوقف أمام طفل بيت لحم.

ولنترك قلبنا يتأثر، دعونا لا نخشى هذا الأمر. دعونا لا نخشى أن يتأثر قلبنا! نحن نحتاج لأن يتأثر قلبنا. لنترك حنان الله يدفئه؛ إننا بحاجة إلى ملاطفاته. ملاطفات الله لا تسبب الجراح. ملاطفات الله تعطينا السلام والقوة. نحن نحتاج إلى ملاطفاته. الله عظيم في المحبة، وله التسبيح والمجد مدى الدهور! الله سلام: لنطلب إليه أن يساعدنا على بناء السلام يوميا، في حياتنا، في عائلاتنا، في مدننا وأممنا، في العالم كله. لنترك أنفسنا نتأثّر بطيبة الله.

تحية البابا إلى المؤمنين في ختام رسالته إلى مدينة روما والعالم

في الختام عبر البابا فرنسيس عن أطيب تمنياته لمناسبة حلول عيد الميلاد للمؤمنين الحاضرين في الساحة الفاتيكانية والذين جاؤوا من أنحاء العالم كافة إضافة لمن شاهدوه واستمعوا إليه عبر وسائل الاتصالات وقال للجميع "ميلادا مجيدا". وتابع: في هذا اليوم المنوَّر بالرجاء الإنجيلي الآتي من مغارة بيت لحم المتواضعة، أبتهل عطية الفرح والسلام للجميع: للأطفال والعجزة والشبان والعائلات والفقراء والمهمشين. وليقدم يسوع المولود من أجلنا العزاء للممتحنين جراء المرض والألم. وليعضد من يكرسون نفسهم لخدمة الأخوة الأكثر حاجة. ميلادا مجيدا!

إذاعة الفاتيكان