خلاص الله لا يستثني أحد! «أضواء
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا عندما أطل البابا فرنسيس من على شرفة مكتبه الخاص في القصر الرسولي بالفاتيكان ليتلو صلاة التبشير الملائكي كعادته ظهر كل أحد مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في الساحة الفاتيكانية.
قال البابا: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير. يحدثنا إنجيل هذا الأحد عن بداية الحياة العامة ليسوع في مدن الجليل وقراها. لم تنطلق رسالته من أورشليم، أي من المركز الديني والاجتماعي والسياسي، لكن من منطقة أخرى بعيدة يمقطها اليهود المتشددون نظرا لتواجد شعوب متعددة ومتنوعة فيها. إنها أرض "حدودية" و"منطقة عبور" حيث يلتقي أشخاص ينتمون إلى أعراق وثقافات وديانات مختلفة. باتت منطقة الجليل هكذا مكانا رمزيا لانفتاح الإنجيل نحو الشعوب كافة.
من هذا المنظار تشبه الجليل عالم اليوم حيث تتواجد ثقافات متعددة، وتبرز الحاجة إلى الحوار والحاجة إلى اللقاء. ونحن أيضا منغمسون يوميا في "جليل الأمم" وفي هذا السياق يمكننا أن نخاف ونستسلم لتجربة بناء الجدران من حولنا لنشعر بالأمن والحماية. لكن يسوع يعلمنا أن البشرى السارة التي يحملها، ليست مخصصة لجزء من البشرية، ولا بد من إعلانها على الجميع. إنه خبر سعيد يُعلن على من ينتظرونه، وعلى من لا ينتظرون شيئا ومن لا يتمتعون بالقوة اللازمة للبحث عما يطلبون.
انطلاقا من الجليل ـ تابع البابا يقول ـ يعلمنا يسوع أن خلاص الله لا يستثني أحدا، بل يؤكد لنا أن الله يفضل الانطلاق من المناطق البعيدة، من عند الآخِرين ليصل إلى الجميع. ويعلمنا نهجا، نهجه الذي يعبّر عن المضمون، ألا وهو رحمة الآب، كلنا مدعوون لقبول هذه الدعوة، للخروج من منطقة الراحة لنصل إلى المناطق المحتاجة إلى نور الإنجيل.
لم يبدأ يسوع رسالته من منطقة بعيدة عن المركز وحسب، بل انطلق من رجال "متواضعين". لم يتوجه إلى مدارس الكتبة وعلماء الشريعة ليختار تلامذته الأولين والرسل المستقبليين. بل توجه إلى أشخاص متواضعين وبسطاء، كانوا يستعدون لمجيء ملكوت الله. ذهب يسوع ليدعوهم في مكان عملهم، على ضفاف البحيرة: إنهم صيادو أسماك. دعاهم وتبعوه فورا. تركوا شباك الصيد وذهبوا معه: وأصبحت حياتهم عبارة عن مغامرة مذهلة وفائقة العادة.
أيها الأصدقاء والصديقات الأعزاء، مضى البابا إلى القول، الرب يدعو اليوم أيضاً، الرب يسير في شوارع حياتنا اليومية، اليوم أيضا في هذه اللحظة، هنا يسير الرب في هذه الساحة. يدعونا للذهاب معه وللعمل معه من أجل ملكوت الله، في "جليل" زماننا. فكّروا بالرب الذي يمر هنا وينظر إلينا إذا شعر أحدكم بأن الرب يقول له اتبعني، فليكن شجاعا وليتبع الرب! الرب لا يخيّب الآمال أبدا. تشعرون في قلبكم إذا كان الرب يدعوكم لاتّباعه. لنترك نظرته وصوته يبلغاننا ولنتبعه كي يصل فرح الإنجيل إلى أقاصي الأرض ولا تبقى منطقة محرومة من نوره.
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي ذكّر البابا فرنسيس بأننا نحتفل هذا الأحد باليوم العالمي لمرضى داء البرص، حاثا الجميع على الحفاظ على التضامن مع هؤلاء الأشخاص وعلى الصلاة على نية من يعتنون بهم. ثم عبّر عن قربه بالصلاة من أوكرانيا خاصا بالذكر من فقدوا أرواحهم في الأيام الماضية وعائلاتهم، متمنيا أن يُعزَّز الحوار البناء بين المؤسسات والمجتمع المدني بهدف الحيلولة دون اللجوء إلى العنف وكي يسود السلام والبحث عن الخير المشترك.
يوجد اليوم العديد من الأطفال في هذه الساحة وأود أن أفكر بالطفل الذي مات حرقا في السيارة، منددا بهذه الجريمة المروعة. وقال إن هذا الطفل موجود اليوم مع يسوع في السماء. وصلى على نية المجرمين كي يتوبوا عن فعلتهم ويرتدوا إلى المسيح.
وتوجه البابا بأطيب التمنيات إلى الشعوب الآسيوية التي ستحتفل خلال الأيام المقبلة ببدء السنة القمرية. ثم لفت إلى احتفال تطويب ماريا كريتسينا دي سافويا ـ ملكة الصقليتين ـ والذي تم يوم أمس في نابولي مشيرا إلى أن الطوباوية الجديدة كانت شاهدة للإنجيل من خلال حياة المحبة. بعدها وجه البابا تحية إلى المؤمنين القادمين من إيطاليا وأنحاء العالم كافة خاصا بالذكر شبيبة حركة "العمل الكاثوليكي" في أبرشية روما المشاركين فيما يُعرف بـ"قافلة السلام" والذين أطلقوا ـ في ختام صلاة التبشير الملائكي ـ حمامات بيضاء ترمز إلى السلام.
إذاعة الفاتيكان