حب على الطريق(2):الأرض التي يريني إياها الله، مهمة كل مسيحي أن يشهد للإنجيل «أضواء
إن الأرض التي أسعى إليها والتي يقودني إليها الله هي أورشليم السماوية ومسيرتها مسيرة قداسة تبدأ من حياتنا الحالية من خلال:
1- الحياة العلمانية: الحياة العلمانية التي تتطلب الانخراط في المجتمع، حتى ينمو ملكوت الله بين البشر (تعليم الكنيسة الكاثوليكية 897-913-940-943). العلماني ليس مسيحياً من الطبقة الثانية، اذ له مشاركةٌ في كهنوت المسيح وذلك عبر:
إنشاء عائلة: العائلة هي كنيسة مصغرة، كنيسة بيتية، خلق الله الرجل والمرأة أحدهما للآخر لكي لا يكونا إثنين من بعد بل واحداً (متى 19:6) لذا عليهما أن يعيشا الحب، وأن يثمرا، ويصبحا هكذا علامة لله، الذي ليس سوى حب فياض. ( تعليم الكنيسة الكاثوليكية 1601-1605).
العائلة ضرورية من أجل جميع شعوب الأرض، وهي ركيزة أساسية للمجتمع البشري، وكنز كبير لجميع الأزواج خلال حياتهم. إنها خير لا غنى عنه (بابا بنديكتوس السادس عشر)
علماني غير متزوج:ليس الجميع مدعوون إلى الزواج. يسوع يرشد بعضاً منا إلى طريق خاص، إذ يدعوهم إلى العيش عازبين "لأجل الملكوت". فتكون دعوته الاهتمام بمن ليس لهم من يهتم بهم وتكريس الحياة في سبيل بذل النفس في سبيل الأخر. هذه الدعوة لا تعني بتاتاً للمسيحي ازدراء الزواج او الجنس. العزوبة الاختيارية لا يمكن عيشها إلا في الحب، وبواسطة الحب، كعلامة قوية أن الله هو أهم من أي أمر. العازب يتخلى عن العلاقة الجنسية وليس عن الحب، وبقلب يفيض بالحب ينطلق إلى اللقاء بالمسيح العروس الآتي (متى 25/6)
2- سر الكهنوت: إن الكاهن مدعو إلى أن يصل إلى القداسة عبر حمل المسيح إلى البشر، والبشر إلى المسيح. بذلك يكرس حياته للخدمة، عليه أن يبذل نفسه على مثال يسوع من أجل الخراف الضالة. فيسير هو والشعب إلى الملكوت. بذلك الكاهن يجدد الخليقة، ويعيد اليها صورة الله، ويجدد خلقها للعالم العلوي أي يقدس العالم، وأعظم من هذا كله أنه يؤَلَه ويؤلِّه (القديس جان ماري فياني)
3- الترهب: هي طريق التخلي عن الذات بشكل حر وكامل إلى حد أن أقدم كل شيء لله من أجل ملكوت السماوات (متى19/12). التخلي عن الملكية الخاصة، وتحقيق الذات والحب في الزواج. وبذلك يبدأ الشخص باستباق الملكوت من خلال عيش المشورات الإنجيلية العفة والفقر والطاعة. فتكون قداسته من خلال عيش الحياة الجماعية بمحبة. فيموت عن حياته من أجل المسيح. فتكون قداسته من خلال الشهادة للمسيحين خاصةً وللعالم أن ملء الحياة هي باللقاء مع العريس الإلهي وجهاً لوجه يجلب في النهاية السعادة للبشر.
إذاً لكي أصل إلى الأرض التي يريني إياها الله أي القداسة هنالك طرق مختلفة وذلك حسب ما أعطيَ لكل واحد منا من مواهب. ويجب ان نذكر أنفسنا دائماً ان ما نفعله هو من أجل المسيح، مع المسيح، في المسيح.
يسوع كان واضحاً مع تلاميذه حين قال لهم من أراد أن يتبعني أن يسلك طريق الملكوت عليه أن يحمل كل يوم صليبه ويتبعني. من هنا نستنتج أن في جميع الطرق التي شرحناها سابقاً هنالك ألم وتخلي، هنالك جلجلة وموت ولكن في النهاية هنالك قيامة.
أتوقّف هنا على دعوة الشاب الغني. هذا الانجيل ليس موجه فقط للكهنة او للراهبات او للمكرسين، هذا الانجيل هو دعوة لكل مسيحي، لكل من يرغب ان ينعم بتلك الحياة الابدية، الكل!! اينما كانوا وكيفما كانوا يستطيعون ان يتبعوا المسيح. الشاب طرح سؤل ماذا افعل لأرث الحياة الابدية؟ الشاب يبحث عن الحياة الابدية، ويعرف انها حياة يرثها بعد الموت، اي انها شىء مرتبط بالحياة القادمة. ومن منا لا يطرح هذا السؤال فبالنسبة لنا الحياة الابدية هي حياة تخص المستقبل والعالم الآتي. ويرد المسيح علينا بطريقة غريبة: "اذهب فبع ما تملك وأعطه للفقراء، فيكون لك كنز في السماء، وتعال فاتبعني".
اي ان المسيح لا يقول لنا ماذا يجب ان نفعل كي نرث الحياة الابدية. بل يقول لنا ماذا نفعل كي نرى ونتذوق الان تلك الحياة الابدية. المسيح لا يضع امامنا شرط كي نكسب الحياة الابدية، بل يضع امامنا الطريق كي نختبر تلك الحياة ونحياها منذ الآن. نعم منذ الآن فالحياة الابدية هي بالفعل حاضرة. يسوع المسيح لا يدعونا ان ننتظر شيئا في المستقبل بل ان نبدأ بتنعم الأن من تلك الحياة الابدية، نعم الآن. ان نتبع المسيح، ان نسير وراءه، ان نسير على خطاه، تلك هي الحياة الابدية التي من الممكن ان نتذوقها الآن.
موقع Aleteia