تأمّل اليوم: البرِّيَّة والانفصال عن البشر «أضواء
مُقدِّمة الوجه الثاني: البرِّيَّة وبُعد العلاقة البشريَّة بين الانفصال والحضور
إنّ معنى البرِّيَّة – على الصعيد الاجتماعيّ ومن حيث العلاقات بين الأشخاص – يجمع بين الانفصال عن عالم البشر والحضور لهم في آن واحد ، على حسب صلاة يسوع الكهنوتيّة: " ليسوا من العالم كما أنِّي لستُ من العالم. لا أسألك أن تُخرجهم من العالم... كما أرسلتَني إلى العالم فكذلك أنا أرسلتُهم إلى العالم ... " يو (17/14 – 18) .
المؤمن في العالم وليس من العالم؛ فهناك إذا جدليّة الانفصال (لا من العالـــــم)/ الحضور (في العالم وإليه)، اقتداءً بيسوع المسيح نفسه .
ونتذكّر أنّ البرِّيَّة كانت موضعًا للهروب من شرِّ البشر ، فقد هرب إليها موسى وإيليّا وداود والمسيحيّون الأوّلون ... ولكنّ أنطونيوس ، والنسّاك من قبله ، قد حوّلوا رمزيّة البرِّيِّة هـــذه ، فأصبحت رمزاً إلى ما يمكننا اعتباره " خروجاً روحيّاً " ، مثلما خرج إبراهيم من وطنه فتـرك أهله ، ومِثلما خرج الشعب العبرانيُّ من أرض العبوديّة فتركوا أصحابها . فالخروج الروحـــيّ هذا تحرُّرٌ من عالم البشر ومن العلاقات الاجتماعيّة – وهذا هو وجهه السالب ، وهو بمثابـــــة وسيلة- في سبيل الحضور للبشر ولمجتمعاتهم- وهذا هو وجهه الموجَب، وهو بمثابة هدف -.
وذلك قد عاشه أنطونيوس فعلاً، بل وحرفيًّا، فأصبح مثالاً يُحتذى به، سواء أكان لرهبــــان البرِّيَّة، أم للرهبان الخادمين في المجتمع، أم للعلمانيِّين العائشين في المجتمعات البشريّة. لنتناول إذاً بالتوالي بُعدَي الانفصال / الحضور.
3- البرِّيَّة والانفصال عن البشر
إنّ الانفصال عن عالم البشر من مقومات حياة البرِّيَّة . فننطلق من اختبار أنطونيوس للانفصال ، لنتساءل ما هي قيمة الانفصال المسيحيّة ، ثم نوضِّح بعض المفاهيم الخاطئة عن معنى الانفصال ، وأخيرًا نُبــــــرز بعض أنماط هذا الانفصال في الحياة الرهبانيّة .
اختبار أنطونيوس للانفصال
ألهم الروح القدس أنطونيوس أن يعزم على ترك أخته وأقربائه ، وعندما ازداد عــدد زوّاره ألهمه أن يبتعد عن قريته وأهلها حتى حدودها ، ثمّ في القبور ، ففي عمق جبال البرِّيَّة : " كان يحزن من إزعاج الناس له ، فاضطرّ إلى الذهاب إلى خارج الجبل .(...) أحبّ حيـــاة الجبل على أيِّ شيء آخر .(...) وأقنع (زائرًا) بِمَثَلٍ مُفْرِح إذ قال : إذا بقي الرهبان معكـــم طويلاً ، يُصابون بالتراخي . فكما يكون نزول السمكة إلى البحر ضروريًّا ، هكذا يكـون الإسراع إلى الجبل ضروريًّا لنا ، لئلا ننسى ، في تأخُّرنا ، الحياةَ في داخل الجبـــــــــل " (عدد84 – 85) .
نلاحظ رغبة أنطونيوس في الانفصال عن الناس ، وقد اعتبر أنّ الابتعاد عنهم هو وضـــــع الراهب الطبيعيُّ ، كما أنّ موضع السمكة الطبيعيّ هو الماء .
ويجدر بنا أن نتساءل ما هي قيمة هذا الانفصال في الحياة الرهبانيّة بوجه خاصٍّ وفي الحياة المسيحيّة بوجه عامّ .
قيمة الانفصال المسيحية
لا شكّ أنّ أنطونيوس استهدف لقاء الله ومواجهة الشرِّير من خلال انفصاله عن العالم، كمــا سبق أن وضّحنا ذلك . فما انفصاله عن عالم البشر هدفاً ، بل وسيلة . كان انفصاله وسيلــة لتحرُّره من جميع علاقاته البشريّة وارتباطاته الاجتماعيّة تحرُّرًا روحيًّا سمح له – في مرحلـة لا حقة ، كما سنراه – بأن يحضر للبشر وأن يخدمهم .
ويُثير كلامنا هذا تساؤلاً في عالــم الروحيّات حول قضيّة قيمة العالم ، خاصّة وقد أساء فهمَها بعضُ التقليد الرهبانيّ وأثّرفي التقليد العلمانيِّ ولا سيّما في كنائسنا الشرقيّة . فيمكننا التساؤل : هل العالم شرّ ؟ أم هو طريـق قد تُؤدِّي إلى الله – فهو بالتالي خير – وقد تعوق دون الوصول إلى الله – فهو بالتالي شـــــرّ ؟
علينا بادىء ذي بدء ، أن نوضِّح مفهوم العالم في بُشرى يوحنّا ، وقد اعتمدت أجيالٌ وأجيــــال من المسيحيّين عامّة والرهبان خاصّة على هذا المفهوم . فلم يقتصر يوحنّا على معنى واحـد ، بل قصد ثلاثة معانٍ متباينة .
- المعنى الإيجابيّ في مِثل قول يسوع :
"إنّ الله أحبّ العالم حتّى إنّه جاد بابنه الوحيد " (3/ 16 ) فالمقصود بالعالم – في مِثل هذا القول الصريح الذي قد يتناساه بعضهم – هو عالم البشر ، وهو موضع محبّة الله وقد ذهبت به إلى بذل ابنه الحبيب لهم ولخلاصهم .
- المعنى السلبيّ في مِثل عبارات يسوع : " سيِّد هذا العالم " (12/ 31) . " قد غلبتُ العالم " (16/33) . " ليسوا من العالم ، كما أنّي لستُ من العالم. لا أسألك أن تُخرجهم من العالم بل أن تحفظهم من الشرِّير" (17/14 – 15). "العالم لم يعرفه " (1/10) . أو في مِثل قول يوحنّا : " لا تُحبُّوا العالم وما في العالم ... لأنّ كلّ ما في العالم من شهوة الجسد وشهوة العين وكبرياء الغنى ليس من الآب ، بل من العالم. العالم يزول هو وشهواته " (1يو 2/15 -17 ) فالمقصود بالعالم – في مِثل هذه الأقوال التي يستند إليها فقط بعضُهم- هو عالم الشرِّير والشرِّ ، عالم عدم الإيمان بيسوع المسيح والخطيئة .
- المعنى المُحايد في مِثل قول يوحنّا : " أتى (الكلمة ) إلى العالم. كان في العالم وبه كان العالم ..."(1/9-10). فالمقصود بالعلم – في مِثل هذا القول الذي يتناساه هو أيضًا بعضُهم – لا المعنى الإيجابيّ ولاالسلبيّ، بل الدنيا أو الأرض؛ فالمعنى وصفيٌّ ولايُطلَق عليه حُكم، أيًّا كان. وبالتالي، فإنّ مدلول العالم مُتنوِّع، لذلك توجّب علينا شديدُ الحرص عندمـــا نستخدم لفظة العالم ، فلا نحصرها في المعنى السلبيّ ، خلافًا لبعض الروحانيّات – ولا سيّما الرهبانيّة منها – التي تعتبرها كذلك .
فإذا انفصل أنطونيوس عن عالم البشر، فلم يُلهمه الروح القدس ذلك لأنّ العالم شـرّ، بل لأنّ البشر قد يستخدمونه خطأً ، كما رأيناه في حديثنا عن وضع الكنيسة في ما بعــد عصر الاضطهادات وفي غضون السلام القسطنطينيّ .
فمن هذا المنطلق يمكن اعتبار الانفصال عن البشر تحرُّرًا روحيًّا ، أي تحرُّرًا مـــــن علاقات وارتباطات قد يُسيء البشر استخدامها ، فلا يكمن الشرُّ في العالم في حدِّ ذاته ، بل في طريقة استخدام البشر له ، لذلك توجّب على الإنسان أن يتحرّر من العالم ومــن المجتمع ومن العلاقات البشريّة . فما انفصال أنطونيوس – في نهاية الأمــــــر – سوى علامة هذا التحرُّر ، وهي موجَّهة إلى البشر ، لتذكِّرهم بِمُطلقيّة الله من جهة – فقــــــد ذهب إلى البرِّيَّة للقاء الله – وبضرورة التحرُّر من سوء استخدام العالم – وقد ذهـــــب إلى البرِّيَّة لمواجهة الشرِّير .
هذه هي قيمة الانفصال عن عالم البشر في وجهيه الموجب – مُطلقيّة الله – والسالــب-
ضرورة التحرُّر من العالم - .
وفي مطلع العصور الحديثة- في نهاية العصور الوسطى وبداية النهضة الغربيّة- عبّـر أحد أبنائها – وهو لم يزل علمانيًّا ، قبل أن يترهّب – عن هذه الحقيقة المزدوجة ، على
النحو التالي : " الإنسان قد خُلق ليُسبِّح الله ربّنا ويُكرِّمه ويخدمه ، وبهذا يُخلِّص نفســــه .
وأمّا سائر الأشياء على وجه الأرض ، فقد خُلقت لأجل الإنسان ، ولتساعده علــــــــــى تحقيق الغاية التي لأجلها خُلق . ومن ثمّ فعلى الإنسان أن يستخدمها بقدر ما تساعـــــده على غايته وأن يبتعد عنها بقدر ما تعوقه عن هذه الغاية .
فيلزمنا لذلك أن نحمل أنفسنا على أن نكون غير مُنحازين إلى أيّة خليقة من الخلائـــــق
(...) حتّى إنّنا – من جهتنا – لا نُفضِّل الصحّة على المرض ، ولا الغِنى على الفقر، ولا الكرامة على العار ، ولا طول الحياة على قصرها ، وهلمّ جرّا ، بل نرغب ونختار ما يزيدنا اهتداء إلى الغاية التي لأجلها خُلقنا" (إغناطيوس دي لويولا – الرياضــات الروحيّة – عدد23) .
نرى ، من جهتنا ، أنّ إغناطيوس أمين لأنطونيوس – وقد تأثّـر به في أيّام اهتدائه إلى الله بعد حياة صاخبة بعيدة عنه – ولا سيّما في توضيحه الغايــة- وهي الله- والوسيلة – وهي عدم الانحياز أو التحرُّر – وإن عبّر عن الحقيقة عينهـــــا بأسلوب يُواكب عصره وبالتالي يختلف عن أسلوب أنطونيوس .
وقُصارى القول إنّ الانفصال عن البشر ليس هدفاً ، بل هو وسيلة تُساعد الإنسان علـى ألّا يجعل الوسيلة هدفاً ولا الهدف وسيلة . فإنّما الهدف المُطلق هو الله؛ وإنّما الوسيلـة هي التحرُّر من الخليقة بالانفصال عنها ، لا لأنّها شرّ ، بل لأنّ الإنسان قد يُســــــــيء استخدامها .
أنماط من الانفصال في الحياة الرهبانية
لقد تنوّعت في مختلف الرهبانيّات أساليبُ الانفصال؛ فمنها مَن تعيش الانفصال كاملاً أو شبه كامل – في مِثل الرهبانيّات "المُتعبِّدة " – ومنها مَن تعيشه في خِضَمِّ خدمـــــــة المجتمعات البشريّة – في مثل الرهبانيّات " الرسوليّة "-. غير أنّ جميعها مدعُوّة إلــى الانفصال بشكل من الأشكال . ويهمُّنا أن نُظهر كيف تعيش الرهبانيّات " الرسوليّـــــة "
رمزيّة البرِّيَّة في بُعدها الانفصاليّ .
- فإنّ للصلاة بُعدًا انفصاليًّا واضحًا ، إذ يتوقّف الراهب عن خدمته الرسوليّة ليضعها أمام الله ويُقيِّمها ويُقوِّيها في ضوئه ويُقدِّمها له ويتغذّى منها ، بل وليضع نفسه أمـــــــــام الله مصدرِ حياته الرهبانيّة ومرجعِها وغايتها . فللصلاة اليوميّة وللخلوات الشهريّـــــــــــــة وللرياضات السنويّة ... قيمةٌ انفصاليّة مُهمّة في حياة الراهب . وقد قال كاسِّيانُس فــــي مَثل يسوع : " ذهب مُنفردًا إلى الجبل ليُصلِّي ، وقد أعطانا هكذا مَثل الانفراد ، حتّى ننفرد نحـــــــن مِثله " .
كما قال القدِّيس هيرونيمُس في هذا الصدد : "ابحث عن المسيح في الاعتزال وصلِّ على الجبل مع يسوع " .
- وإنّ للنذور الرهبانيّة أيضًا معناها الانفصاليّ الواضح ، إذ يُصبح الراهب علامــــــــــة مُتطلِّبات يسوع المسيح الخاصّة بالفقر والعفّة والطاعة لجميع المؤمنين وغيرالمؤمنيـن.
- وإنّ للصمت أيضًا قيمته الانفصالية؛ فهو تطلُّب ضروريّ كي لا يفقد الراهب هويّتــــه الرهبانيّة . لذلك ، فإنّ معظم الرهبانيّات تتمسّك بفترات من الصمت الكامل كي تحيـــــا هذا البُعد الانفصاليّ المُهمّ في الحياة الرهبانيّة . وفي عصر الضوضاء والصخــــــــــب والسمعيّات – البصريّات ...، يزداد الصمت أهمِّيَّةً وضرورة .
- وإنّ للزيّ الرهبانيّ أيضًا معنى انفصاليًّا ، إذ يُميِّز الراهبَ عن سواه من البشـــــــــر ، فيُذكِّرهم بضرورة الانفصال هذا .
- ويُمثِّل الابتداء في الحياة الرهبانيّة مرحلة خاصّة في شأن الانفصال . ففي هذه المرحلـة
ينفصل المبتدىء بالفعل عن أهله وأقربائه وأصدقائه ، أكثر منه في مرحلة أخــــــرى ، حتّى يتحرّر من هذه العلاقات التي كوّنت شخصيّته ونمّته وأنضجته؛ فإنّ دعوة يسـوع المسيح إلى تفضيله عليها دعوةٌ مُطلقة جذريّة كُلّيّة . فحتّى يستطيع الراهب أن يعيــــش هذا التفضيل المطلق الجذريّ الكلّيّ طوال حياته ، ينبغي له أن ينفصل في بداية حياتـــه الرهبانيّة عن العلاقات الاجتماعيّة والشخصيّة والوجدانيّة هذه انفصالاً واضحـــــــــــاً ، ليتحرّر منها ، حتّى يتسنّى له في ما بعد أن يحياها بدون أن تكون عائقاً لعلاقتــــــــــــه التفضيليّة بيسوع المسيح؛ وهذا ما اختبره أنطونيوس كما سنراه . فللانفصال عن هــذه العلاقات في مرحلة الابتداء ، قيمة تربويّة لا مناص منها .
- كما أنّ الرهبانيّات " المتعبِّدة " تحتلُّ مكانة بالغة الأهمِّيَّة بخصوص الانفصال؛ فهــــي علامة ضرورة الانفصال في الحياة المسيحيّة عامّة ، ولا سيّما في الرهبانيّــــــــــــــات
"الرسوليّة " وفي الحياة العلمانيّة التي عليها أن تحيا الإنفصال هذا لا في البرِّيَّة ، بـــــل في قلب المجتمع ، فلا تنغمس فيه فتفقد هويّتَها المسيحيّة ، بل تحافظ على مسافة لا بـــدّ منها بين الحياة المسيحيّة ومجتمع البشر الذي تخدمه؛ فالرهبانيّات المُتعبِّدة – بمجــــــرّد وجودها - تُذكِّر الرهبانيّات" الرسوليّة" والعلمانيِّين بذلك التطلّب المسيحيّ .
الخاتمة
هكذا ، فإنّ الانفصال هو – في نهاية الأمر – علامة أنّ الحياة المسيحيّة ليست " من العالـــم " بل " في العالم " ، الأمر الذي يتطلّب تحرُّرًا من العلاقات البشريّة حتّى لا تُصبح غاية ، بــــل وسيلة تُفضي بالمسيحيّ إلى الله . وفي العهد الجديد نموذجان لهذه الحرِّيَّة في العلاقات : مريم أمُّ يسوع ، وقد قبِلت أن تُحوِّل علاقتها الجسديّة بيسوع إلى علاقة من نوع جديـــــــد ، عندما كان صبيًّا في الاثني عشر من عمره (لو 2 /48 -49) ، وعندما اعتبر أنّ أمّه وإخوتــه هم الذين يسمعون كلمة الله ويعملون بها (لو8/19 -21) ، وعندما تدخّلت في عُرس قانـا الجليل عارضةً عليه أنّ الخمر قد نُفدت (يو2 /3-5) ، وعندما أصبحت أمًّا ليوحنّــــا الحبيب وجميع تلاميذ يسوع (يو 19/26-27) ... وكذلك يوحنّا المعمدان،وقد قبِل أن يتركه اثنان من تلاميذه ليتبعا يسوع (يو 1/35-36) ، مُعتبراً نفسه، لا العريسَ الذي يملك العروس ، بـــل صديقَ العرس فقط ( يو 3/29-30). ففي هذين النموذجين دلالة واضحة على معنى الانفصـال.
وكذلك ، فإنّ الانفصال يُعبِّر عن عميق رغبة المسيحيّ في أن يظلّ مع يسوع على جبل التجلِّي: "حسنٌ ، يا ربُّ ، أن نكون ههنا " (متى 16/4) .
ليتمتّع بحضور الربِّ في الجبل ، حتّى يتمتّع به في المجتمع ،عندما ينزل من الجبل ليلتقــــــي إخوتَه البشر . وقد عبّر يسوع نفسه عن ضرورة الحرِّيَّة في العلاقات ، حتّى تجاه شخصــه ، إذ قال لتلاميذه الاثني عشر في خُطبة وداعه : " إنّه خير لكم أن أذهب فإن لم أذهب ، لا يأتكم المُؤيِّد . وأمّا إذا ذهبتُ ، فأرسله إليكم " (يو16/7) .
فيسوع يدعو إلى تحوُّل العلاقة بحسب الجسد إلى العلاقة بحسب الروح والنموِّ فيها؛ هذه هــي قيمة الانفصال الأخيرة.