المعمودية تطهرنا من أثامنا «أضواء
الدِّنحُ: كلمة سريانيّة، تعني الظهورَ والاعتلانَ والإشراق، عيد اعتماد الرّب يسوع في نهر الأردن من يوحنا المعمدان، وبدء ظهوره للعالم.
يذكر لنا التاريخ الكنسي ان الكنيسة المقدسة كانت تعيد عيدي الميلاد والغطاس معا في عيد واحد حتى القرن الرابع الميلادي وكانت تسميه " الابيفانيا " أي الظهور الالهي على اساس ان الميلاد والعماد يؤديان معا مضموناً واحداً وهو : " اعلان لاهوت السيد المسيح " ورأت الكنيسه بعد ذلك فصل كل عيد عن الاخر لتعطيه اهميه اكثر .
إن المعمودية هي ميلاد جديد للانسان وبواسطة المعمودية يولد ولادة جديدة .يسوع المسيح لم يكن محتاجا لمغفرة الخطايا حيث هو الوحيد في العالم اجمع بلا خطيئة وهو الذي قال : " من منكم يُثبِتُ عليّ خطيئة " (يو 8 : 46 ). وقال عنه بيلاطس " لست أجد فيه علة واحدة " (يو 18 : 38 ).
فاعتمد يسوع المسيح في نهر الاردن وهو غير محتاج الى المعمودية ولكنه اعتمد لانه هو الذي اسس سر المعموديه بإعتماده في نهر الأردن ، بالرغم انه غير محتاج للعماد لمغفرة الخطايا الا انه إعتمد على يد يوحنا المعمدان .. لكي يؤسس هذا السر العظيم .
ولأن المعمودية هي ميلاد جديد ويأخذ الانسان من خلال المعمودية نعمة التبني (غلا 4 : 5 ) ( اف 1 : 5) لذلك في نهر الاردن اثناء معمودية السيد المسيح اعلن الله الاب عن لاهوت الابن وانه في الابن ننال نعمه التبني . قال السيد المسيح " كما انك انت ايها الاب فيّ وانا فيك ليكونوا هم ايضا واحدا فينا ليؤمن العالم انك ارسلتني ( يو 17 : 21 ) .
اعتمد المسيح ايضا لكي يقدس الماء ويفتح ابواب السماء، لقد قدس الماء بعماده ليعد لنا التقديس والتبني بالنعمه ، لقد طهر عنصر الماء باصطباغه في نهر الاردن ، واعدّ لنا الروح القدس لتطهيرنا وتبريرنا باعتمادنا باسمه القدوس .
فماء المعموديه قبل عماد الرب يسوع لم يكن لها الفاعليه في تجديد النفس ، لذلك نسمع يوحنا المعمدان يقول " انا أعمدكم بماء التوبه ، يأتي بعدي من هو أقوى مني الذي لست مستحقاً ان انحني واحل سيور حذائه هو يعمدكم بالروح القدس والنار " .
أما بعد عماد الرب صار للماء قوتها وفاعليتها النارية لذلك يقول القديس غريغوريوس النزينزي" كما أن في أحشاء الأم قوة لمنح الحياة الجسدية ، هكذا ماء المعمودية قد نال قوة لمنح الحياة الروحية ". ويقول القديس بولس الرسول : " الان كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح " ( غلا 3 : 27 ) .
فالمعمودية تطهرنا من اثامنا لذلك احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لاجلها واسس لها سر المعمودية للتطهير من الخطيئة الجسدية والروحية " كما احب المسيح الكنيسة واسلم نفسه لأجلنا لكي يقدسها مطهراً اياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضّرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب " (أف 5 :27 ) .
بانفتاح السماء فوقه في نهر الاردن ظهر عهدٌ جديد بين السماء والأرض، ودخل الله في شركة جديدة مع البشر، في شخص ابنه يسوع المسيح المعتمد، بصفته رأس البشريّة جمعاء، ورأس الجماعة المسيحانيّة المؤمنة.
اوضح الله طبيعته مثلث الاقانيم واحد في الجوهر فالابن كان متجسداً وقائما في نهر الاردن والاب ينادي من السماء:" هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت "، مستشهداً بكلمة من النبي أشعيا قالها عن عبد يهوه المتألّم الفادي، ليربط ربطاً وثيقاً بين عماد الرّب بالماء والرّوح، وعماد الرّب بالدم في الآمه وموته وقيامته، ويعطي لعيد الدنح طابع عيد القيامة.
والروح القدس بشكل حمامة أتى واستقر عليه يمسحه بطابع الملكيّة والنبوءة والحَبريّة.
فالدنح إذن هو عيد ظهور سرّ يسوع الناصري للعالم بصفته المسيح ابن الله الحقيقي، وظهور سرّ الثالوث الأقدس الآب والابن والروح القدس، في آنٍ معاً.
موقع Aleteia