الكنيسة رسوليّة لأننا نصلي، ولأننا نعلن الإنجيل من خلال حياتنا وكلماتنا! «أضواء
أجرى قداسة البابا فرنسيس مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول: نقول في قانون الإيمان "نؤمن بكنيسة واحدة، جامعة، مقدّسة، رسوليّة..." أن نعلن أن الكنيسة رسوليّة يعني التأكيد على الرباط العميق والأساسي بينها وبين الرسل، أولئك الإثني عشر رجلاً الذين اختارهم يسوع ودعاهم بأسمائهم "لكي يصحبوه فيرسلهم يبشّرون" (راجع مر 3، 13- 19).
أضاف البابا يقول كلمة رسول يونانية الأصل وتعني المرسل، ويسوع قد اختار الرسل ودعاهم وأرسلهم ليتابعوا عمله، ومن هذا المنطلق أود أن نتأمل معًا حول معانٍ ثلاثة لكلمة "رسوليّة" التي نصف بها الكنيسة.
تابع الحبر الأعظم يقول: الكنيسة رسوليّة لأنها مؤسسة على بشارة الرسل وصلاتهم، وعلى السلطة التي منحهم إياها يسوع نفسه. يكتب القديس بولس لمسيحيِّ أفسس: "فلَستُم إِذاً بَعدَ اليَومِ غُرَباءَ أَو نُزَلاء، بل أَنتُم مِن أَبناءَ وَطَنِ القِدِّيسين ومِن أَهْلِ بَيتِ الله، بُنيتُم على أَساسِ الرُّسُلِ والأَنبِياء، وحَجَرُ الزَّاوِيَةِ هو المسيحُ يسوعُ نَفْسُه" (أف 2، 19- 20)، وبهذا هو يشبّه المسيحيين بالحجارة الحيّة التي تكوّن الكنيسة التي بُنيت على أساس الرسل وعلى المسيح حجر الزاوية.
فالرسل قد عاشوا مع يسوع وسمعوا كلامه وشاركوه حياته وكانوا شهودًا على موته وقيامته، وإيماننا والكنيسة التي أرادها يسوع لا يقومان على فكرة معيّنة أو على تيار فلسفي بل على المسيح نفسه. الكنيسة هي كنبتة نمت عبر العصور وأعطت ثمارها ولكنها متجذّرة في المسيح، وخبرة الرسل الذين اختارهم يسوع وأرسلهم تصل إلينا نحن أيضًا!
أضاف البابا فرنسيس يقول: لنسأل أنفسنا كيف يمكننا أن نرتبط بهذه الشهادة، وكيف يمكن أن يصلنا ما عاشه الرسل مع يسوع وما سمعوه منه؟ وهنا نجد المعنى الثاني لكلمة "رسوليّة". يؤكد التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكيّة أن الكنيسة رسوليّة لأنها: "تحفظ وتنقل، بمساعدة الروح الساكن فيها، التعليم، الوديعة الخيرة، الأقوال السليمة التي سمعتها من الرسل" (عدد 857). لقد حافظت الكنيسة عبر العصور على هذا الكنز الثمين: أي الكتاب المقدس والعقائد، الأسرار والخدمة الكهنوتيّة لكي نتمكن من عيش الأمانة للمسيح ونشترك في حياته، إنها كنهر متدفّق عبر التاريخ ينمو و يسقي لكن المياه المتدفقة منه تنبع دائمًا من الينبوع والمصدر الأساسي يسوع المسيح: هو الحي القائم من بين الأموات وكلامه لا يزول.
هل فكرنا يومًا كم هي عظيمة عطيّة المسيح هذه، عطيّة الكنيسة وأين يمكننا أن نجدها؟ هل فكرنا يومًا أن الكنيسة، وخلال مسيرتها عبر العصور، – وبالرغم من الصعوبات والمشاكل – هي التي تنقل إلينا رسالة المسيح الحقيقيّة؟ وبأنها هي التي تعطينا الثقة بأن ما نؤمن به هو ما سلّمه إيانا المسيح حقًا؟
تابع البابا فرنسيس يقول: ثالثاً، الكنيسة رسوليّة لأنها مدعوة لتحمل الإنجيل للعالم بأسره، فهي تتابع في مسيرة التاريخ الرسالة التي سلّمها يسوع للرسل: "اذهَبوا وتَلمِذوا جَميعَ الأُمَم، وعَمِّدوهم بِاسْمِ الآبِ والابْنِ والرُّوحَ القُدُس، وعَلِّموهم أَن يَحفَظوا كُلَّ ما أَوصَيتُكُم به، وهاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28، 19- 20).
وأضاف البابا يقول أود أن أتوقف عند هذا الجانب من الرسالة لأن المسيح يدعونا جميعًا للذهاب للقاء الآخرين، يدعونا ويطلب منا أن نذهب ونحمل فرح الإنجيل! لنسأل أنفسنا إذًا مرة أخرى: هل نحن رسل بكلماتنا وحياتنا المسيحيّة؟
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: تجد الكنيسة جذورها في تعليم الرسل الشهود الحقيقيين للمسيح، لكنها تتطلع دائمًا نحو المستقبل وتدرك جيّدًا بأنها مرسلة من قبل يسوع، تحمل اسمه بالصلاة والبشارة والشهادة. فهي كنيسة لا تنغلق على ذاتها ولا على الماضي، لنكتشف إذًا اليوم جمال ومسؤولية أن نكون كنيسة رسوليّة! تذكروا جيّدًا إنها رسوليّة لأننا نصلي، أولاً، ولأننا نعلن الإنجيل من خلال حياتنا وكلماتنا!
إذاعة الفاتيكان