الفقراء يدفعون ثمن الأذى الذي يسببه الفاسدون «أضواء

"إنّ ثمن فساد أصحاب السلطة والنفوذ يدفعه الفقراء الذين وبسبب جشع هؤلاء الآخرين يُحرمون مما يحتاجونه وحتى من حقوقهم" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وقال إنّ السبيل الوحيد للتغلب على خطيئة الفساد يكمن في خدمة الآخرين التي تنّقي القلوب!

إستهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجية اليوم من سفر الملوك الأول والتي نقرأ فيها عن نابوت اليزرعيلي الذي كان لديه كرم إلى جانب قصر أحاب ملك السامرة، والذي طلب من نابوت أن يعطيه إياه ليكون لديه بستان بُقول، لكنّ نابوت رفض لأنه لم يُرِد أن يتخلّى عن ميراث آبائه. فحزن الملك وأخبر إيزابيل امرأته فنصبت له فخًّا بمساعدة شهود زورٍ فتمّت محاكمة نابوت وأخرجوه خارج المدينة ورجموه حتى مات. وبعد موته سلّمت إيزابيل كرم نابوت لزوجها الملك أحاب الذي أخذه كما ولو أنّ شيئًا لم يحدث قط.

قال البابا فرنسيس إنّ هذه القصة تتكرر باستمرار، حتى في يومنا هذا، بين أصحاب النفوذ المادي، السياسي والرّوحي أيضًا. غالبًا ما نقرأ في الصحف: تمّت محاكمة ذلك السياسي الذي اغتنى بشكل سحريّ، أو عن صاحب شركة ما إغتنى من جرّاء إستغلاله لموظفيه أو عن أسقف ما إغتنى وأهمل واجباته الراعوية ليهتم بما تعطيه إياه السلطة!

هؤلاء هم الفاسدون السياسيّون، أو رجال الأعمال الفاسدون والإكليروس الفاسد! نجدهم في كلّ مكان! وينبغي أن نقول الحقيقة في هذا الصدد فالفساد هو الخطيئة الأسهل والأكثر إنتشارًا، ويتعرّض لها كل شخص في منصب السلطة إن كانت سياسيّة، إقتصاديّة أو كنسيّة. جميعنا معرّضون لتجربة الفساد! إنها خطيئة من السهل إرتكابها لأنّ كل مَن يتمتع بسلطة معيّنة يشعر وكأنه إله أحيانًا.

تابع الأب الأقدس يقول: يتعرض الإنسان للفساد خلال مسيرته بسبب ثقته المفرطة بذاته. يبدأ كلُّ شيء مع الرفاهية والمال والسلطة والغرور وتتتابع الأمور وقد يصل الأمر بالمرء إلى القتل أحيانًا... ولكن مَن يدفع ثمن هذا الفساد؟ في الواقع إنّ ثمن الفساد يدفعه الفقراء دائمًا. مَن يدفع ثمن الفساد السياسي أو الإقتصادي؟

تدفعه المستشفيات التي ينقصها الدواء، والمرضى الذين يفتقدون للعناية الطبية الضرورية، والأطفال الذين لا ينالون التربية المناسبة، هؤلاء هم نابوت عصرنا الذين يدفعون الثمن ويعانون من تبعات فساد أصحاب السلطة والنفوذ! مَن يدفع ثمن فساد كاهن أو أسقف؟ الأطفال الذين لا يعرفون كيف يرسمون علامة الصليب على جباههم، والذين لم ينالوا تعليمًا مسيحيًّا أو لم يتمّ الاهتمام بهم. يدفع ثمن هذا الفساد أيضًا المرضى الذين ما من أحد ليزورهم والمسجونون الذين لا يتمتعون بالإهتمام الروحي الذي من حقّهم. فالفساد يدفع ثمنه الفقراء دائمًا!

أضاف البابا يقول: لكنّ السبيل الوحيد للتغلب على الفساد والخروج منه يكمن في الخدمة. وذلك لأنّ الفساد هو ثمرة الغرور والتعجرف والكبرياء أمّا الخدمة فتتطلب من الشخص وداعة وتواضع، فالخدمة هي محبة الآخرين المتواضعة.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: لنرفع صلاتنا اليوم إذاً في هذه الذبيحة الإلهيّة من أجل العديد من الأشخاص الذين يدفعون ثمن الفساد ويموتون ضحيّته! إنهم شهداء الفساد السياسي والإقتصادي والكنسيّ. لنصلِّ من أجلهم ليكون الرّبّ بقربهم كما كان بالقرب من نابوت وإسطفانوس عندما رُجَما، فيمنحهم القوة للمضي قدمًا في شهادتهم!

إذاعة الفاتيكان