العلاقة بين قيامة المسيح وقيامتنا «أضواء

 

 

 

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان ووجه نداء قال فيه: أريد أن أدعو الجميع للصلاة من أجل راهبات دير القديسة تقلا للروم الأرثوذكس في معلولا في سوريا، اللواتي تمّ اقتيادهن بالقوة منذ يومين من قبل رجال مسلّحين. نصلي من أجلهنّ، من أجل هؤلاء الأخوات وجميع الأشخاص المخطوفين بسبب النزاع القائم. لنتابع الصلاة والعمل معًا من أجل السلام ولنكل أنفسنا لمريم العذراء.

هذا وكان الأب الأقدس قد استهل تعليمه الأسبوعي بالقول: أعود اليوم أيضًا إلى عبارة: "أؤمن بقيامة الأجساد". إنها ليست حقيقة بسيطة كما وأنها ليست بديهيّة لأننا نعيش غائصين في هذا العالم ولا يمكننا فهم الحقائق المستقبليّة. لكن الإنجيل ينيرنا: قيامتنا مرتبطة بشكل وثيق بقيامة يسوع، وقيامته هي التأكيد على قيامة الأموات. أود إذًا أن أقدم ثلاثة أوجه للعلاقة بين قيامة المسيح وقيامتنا.

تابع البابا فرنسيس يقول: يحتوي الكتاب المقدّس على مسيرة نحو الإيمان الكامل بقيامة الأموات. وهذا الإيمان يظهر كإيمان بالله خالق الإنسان بكامله – جسدًا وروحًا – وكإيمان بالله المحرّر، الإله الأمين للعهد مع شعبه. وأضاف البابا يقول: في رؤية للنبي حزقيال، يتأمل النبي قبور المجلوّين التي يُعاد فتحها والعظام اليابسة التي تعود إلى الحياة بفضل دخول روح محي فيها. هذه الرؤية تعبر عن الرجاء بـ "قيامة إسرائيل" أي بالولادة الجديدة لشعب دُحر وذُلِّلَ (راجع حزقيال 37، 1- 14).

أما النبي دانيال فيصف القيامة العامة بهذا الشكل:يستيقظ الأبرار للحياة الأبديّة أما الأشرار فللعار والرذل الأبدي (راجع دانيال 12، 2). يخبرنا العهد القديم أن الرجاء بالقيامة هو أيضًا فعل إيمان بعدالة الله. وإنما كيف يمكن للرب أن يعامل بالطريقة نفسها من عاش من أجل الآخرين ومن عاش من أجل نفسه؟ كيف يمكن أن يكون مصير من عملوا على إتباع وصايا الله كمصير الذين احتقروها؟

أضاف البابا فرنسيس يقول: في العهد الجديد، يتمم يسوع هذا الوحي، ويربط الإيمان بالقيامة بشخصه: "أنا القيامة والحياة" (يوحنا 11، 25). في الواقع، إن الرب يسوع هو الذي سيقيم في اليوم الأخير جميع الذين آمنوا به. ويسوع قد حل بيننا وصار إنسانًا مثلنا في كلّ شيء ما خلا الخطيئة، وبهذا الشكل جذبنا معه في مسيرة عودته إلى الآب.

إنه الكلمة المتجسّد، الذي مات وقام من أجلنا، والذي يمنح رسله الروح القدس كعربون لملء الشركة في ملكوته المجيد الذي ننتظره متيقظين. وهذا الانتظار هو مصدر رجائنا وأساسه: رجاء إن، أنميناه وحافظنا عليه، يصبح لنا نورًا ينير حياتنا الشخصيّة والجماعيّة، كما أظهره سلفي الحبيب البابا بندكتس السادس عشر في رسالته العامة: "بالرجاء خُلصنا".

لنتذكر دائمًا: نحن تلاميذ الذي أتى، ويأتي اليوم، وسيأتي في النهاية. وإن حافظنا على هذه الحقيقة حاضرة بيننا سيكون تعبنا اليومي أقل، ونتحرّر من سجن الزوال وسنسير بقلب رحيم على دروب الخلاص.

أما الوجه الثاني، تابع البابا فرنسيس يقول، فهو السؤال: ما معنى أن نقوم من بين الأموات؟ بالموت ينفصل الجسد عن الروح: فيصار بالجسد إلى التحلُّل والفساد أما الروح فتذهب لملاقاة الله، بانتظار أن تجتمع مجدّدًا بجسدها. هذا ما سيحصل في اليوم الأخير، في نهاية العالم، بفعل قوة الله الذي سيعيد الحياة لجسدنا معيدًا إليه الروح بقوة قيامة يسوع.

تابع الأب الأقدس يقول: يبدأ هذا التحول، وهذا التجلي لجسدنا فيما نحن لا نزال في هذه الحياة من خلال اللقاء بالمسيح القائم من الموت بواسطة الأسرار ولاسيما الافخارستيا. فنحن الذين اغتذينا في هذه الحياة بجسد الرب ودمه سنقوم مثله، به ومعه، وكما قام يسوع بجسده سنقوم نحن أيضًا بأجسادنا الممجدة والروحيّة.

لن نتمكن من فهم كيفية قيامة جسدنا لأنها تفوق فهمنا وتصورنا: إنه واقع يمكننا فهمه بواسطة الإيمان فقط. كما أُعلن في العهد القديم، أن الله سيقيم جميع الذين ماتوا: "فيَقوم الَّذينَ عَمِلوا الصَّالحات لِلحيَاة وأَمَّا الَّذينَ عَمِلوا السَّيِّئات فيقومونَ للقضاء" (يوحنا 5، 29).

أما العنصر الثالث، تابع البابا فرنسيس يقول، فهو أننا وإذ لا نزال في هذه الحياة نحن نشارك في قيامة المسيح. فإن كان صحيحًا أن يسوع سيقيمنا في نهاية الأزمنة، فصحيح أيضًا، أننا قد قمنا معه منذ الآن. في الواقع، وبواسطة العماد ندخل في موت وقيامة المسيح ونشارك بالحياة الجديدة أي بحياة القائم من الموت.

وفيما ننتظر اليوم الأخير، نحن نحمل في داخلنا بذرة القيامة، كاستباق للقيامة الكاملة التي سنرثها. لذلك فجسد كل منا هو صدى للأبدية وعلينا احترامه، كما وعلينا خصوصًا أن نحترم وأن نحبَّ حياة الذين يتألمون لأنهم يشعرون بقرب ملكوت الله، بالحياة الأبدية التي نسير باتجاهها.

إذاعة الفاتيكان