الرجاء الذي لا يُخيِّب «أضواء
استهل الأب الأقدس تعليمه الأسبوعي بالقول:
لقد توقفنا في تعليم الأسبوع الماضي عند حدث قيامة يسوع أما اليوم أود أن نتأمل حول معناه الخلاصي. ما هو معنى القيامة لحياتنا؟ ولماذا بدونها يصبح إيماننا باطلا؟
إن إيماننا مبنيٌّ على موت وقيامة المسيح، كالبيت المبنيّ على الأساسات: فإن تزعزعت تلك الأخيرة سقط البيت بكامله. لقد قدّم يسوع ذاته على الصليب آخذًا على عاتقه خطايانا ونزل إلى هاوية الموت، وبالقيامة انتصر عليها وفتح لنا الطريق لنولد لحياة جديدة. وهذا ما يعبّر عنه القديس بطرس في رسالته الأولى: "تبارك الله أبو ربنا يسوع المسيح، شملنا بوافر رحمته فولدنا ثانية بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، ولدنا لرجاء حيّ ولميراث بريء من الفساد والرجاسة والذبول" (1 بط1/3-4)
تابع البابا يقول يخبرنا الرسول أن شيئًا جديدًا كليًّا تمّ بقيامة يسوع: لقد حُرّرنا من عبوديّة الخطيئة وأصبحنا أبناء الله، لقد ولدنا لحياة جديدة. ومتى يتحقق لنا هذا؟ في سرّ المعموديّة. يكتب القديس بولس في رسالته إلى أهل روما: "لم تتلقوا روحًا يستعبدكم ويردكم إلى الخوف، بل روحًا يجعلكم أبناءً وبه ننادي: "أبا أيها الآب" (روم 8، 15). إن الروح القدس هو الذي يحقق فينا حالة أبناء الله الجديدة هذه. وهذه أكبر عطيّة ننالها من سرّ يسوع الفصحيّ. فالله يعاملنا كأبناء ويتفهمنا، يغفر لنا ويغمرنا ويحبنا حتى عندما نخطئ. فمنذ العهد القديم كان النبي أشعيا يؤكد أنه حتى ولو نسيت الأم رضيعها فالله لا ينسانا أبدًا(راجع أشعيا 49، 15).
أضاف الأب الأقدس يقول إن علاقة البنوة هذه مع الله ليست كنزًا نحتفظ به في زاوية من حياتنا، إنما يجب أن تنمو وتتغذّى يوميًّا بالإصغاء إلى كلمة الله، الصلاة والمشاركة بالأسرار وخصوصًا سرّي التوبة والإفخارستيا، وبأعمال المحبّة. يمكننا أن نعيش كأبناء! إنها كرامتنا. فلنتصرّف كأبناء حقيقيّين! وهذا يعني أنه علينا أن نترك المسيح يحوّلنا يومًا فيوم، ويجعلنا شبيهين به، يعني أن نعيش كمسيحيين ونتبعه على الرغم من محدوديتنا وضعفنا. فقط بتصرفنا كأبناء، ودون أن نيأس من سقطاتنا، وبشعورنا بأننا محبوبون منه، تصبح حياتنا جديدة تنعشها السكينة والفرح. فالله هو قوتنا! الله هو رجاؤنا!
تابع الأب الأقدس يقول إخوتي وأخواتي الأعزاء، يجب أن نتحلّى نحن أولا بهذا الرجاء وعلينا أن نكون علامة مرئيّة، واضحة ومنيرة للجميع. الرب القائم من الموت هو الرجاء الذي لا يُخيِّب (راجع روم 5، 5). كم من مرّة يضمحل الرجاء في حياتنا، وكم من مرة لا تتحقق الإنتظارات التي نحملها في قلوبنا! رجاؤنا نحن المسيحيين قوي، أكيد وثابت في هذه الأرض حيث دعانا الله للسير، وهو منفتح على الأبديّة، لأنه مبنيّ على الله الأمين. وأضاف البابا إن كوننا مسيحيين لا يقتصر على إتباع الوصايا، وإنما بأن نكون في المسيح، نفكر مثله ونعمل مثله ونحب مثله، وأن نتركه يملك على حياتنا ويغيّرها ويحولها ويحررها من ظلمات الشرّ والخطيئة.
وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول: إخوتي وأخواتي الأعزاء، لنشر إلى المسيح القائم من الموت ردّا على كل من يطلب منا دليل ما نحن عليه من الرجاء (راجع 1بط 3، 15). لنشر إليه من خلال إعلان الكلمة ولكن خصوصًا من خلال حياتنا كأبناء للقيامة. لنظهر فرح أن نكون أبناء الله، والحريّة التي تنبع من العيش في المسيح، الحريّة الحقيقية من عبوديّة الشرّ والخطيئة والموت! لننظر نحو الوطن السماوي فنجد نورًا جديدًا وقوّة حتى في التزامنا وفي تعبنا اليوميّ. إنها خدمة قيّمة علينا أن نقدمها لعالمنا الذي غالبًا لا يستطيع أن يرفع نظره نحو العلى ونحو الله.
وخلال مقابلة الأربعاء العامة مع المؤمنين، وفي تحيّته للناطقين بالعربيّة قال قداسة البابا فرنسيس: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، إن قيامة المسيح هي اليقين الذي ينبغي أن نبني عليه حياتنا كلها. لا تيأسوا أمام الشرّ والموت لأن المسيح أكّد لنا: "قلت لكم هذه الأشياء ليكون لكم بيَ السلام، تعانون الشدّة في العالم ولكن ثقوا إني قد غلبت العالم" (يو 16،33)
الفاتيكان
10 نيسان 2013