التطويبات برنامج للقداسة! «أضواء

"التطويبات هي برنامج حياة المسيحي" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وشدّد على ضرورة التحلي بالشجاعة والوداعة من أجل التغلب على الحقد.

 

إستوحى الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى حول التطويبات وقال: إن التطويبات هي البرنامج، إنها بطاقة هويّة المسيحي. إذا سأل أحد منا نفسه: ما هي الطريقة ليصبح المرء مسيحيًّا صالحًا؟

نجد الجواب في ما يقوله لنا يسوع في هذه السلسة من الأمور "المعاكسة للتيار" بالنسبة لمنطق العالم تفكيره الاعتيادي. "طوبى لفقراء الروح..." فالثروات والغنى لا تؤمّن لنا شيئًا، لأنه عندما يكون القلب غنيًّا ومكتفيًا بذاته لا يكون عندها مكان لكلمة الله فيه!

"طوبى للمحزونين، فإنهم يُعزّون": لكن العالم يقول لنا: فرح وسعادة وتسلية هذه هي الأمور الجميلة في الحياة! أمل بطرفك وانظر إلى الجهة الأخرى وتجاهل المشاكل إزاء المرض والمشاكل والألم في العائلة. العالم يرفض البكاء والحزن، يفضل تجاهل الحالات المؤلمة وعدم الكشف عنها. ولكن وحده الشخص الذي يرى الأمور كما هي عليه ويبكيها في قلبه سيفرح ويُعزّى! فعزاء يسوع ليس من هذا العالم! طوبى للودعاء في هذا العالم، عالم الحروب والنزاعات والحقد! ويسوع يقول لنا أيضًا: لا للحرب والحقد وإنما سلام ووداعة!

تابع البابا فرنسيس يقول: فإذا كنتُ وديعًا في حياتي، قد يعتقد الآخرون بأنني غبي! فليفكّروا ما يحلو لهم، لأن يسوع يقول لنا بهذه الوداعة سوف ترث الأرض! طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ... إنهم الذين يجاهدون من أجل العدل ولكي تسود العدالة في العالم. إنه لمن السهل جدًّا أن ندخل في متاهات الفساد وفي السياسات اليوميّة لما يمكن تسميته بـ "هكذا هي المصالح"، وكم من الظلم ينتج عن هذه الذهنيّة، وكم من الأشخاص يعانون بسبب الظلم الناتج عنها!

"طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون"... الرحماء هم أولئك الذين يغفرون ويسامحون ويتفهمون أخطاء الآخرين، فيسوع لم يقل طوبى للذين ينتقمون وإنما طوبى للذين يسامحون، طوبى للرحماء، لأننا جميعنا أشخاص غُفر لهم، ولذلك طوبى للذي يسلك في درب المغفرة هذا.

"طوبى لأطهار القلوب..." إذ لديهم قلب بسيط طاهر خال من الشوائب، قلب يعرف أن يحب بطهارة. "طوبى للساعين إلى السلام..." لاسيما في عالم يقوم بمعظمه على الحروب وسوء التفاهم! في عالم قائم على الاستغياب والنميمة، فهؤلاء الأشخاص  بثرثرتهم لا يصنعون السلام، وإنما هم أعداء السلام اللدودين، وبالتالي فهؤلاء لا ينالون التطويبات!

أضاف الأب الأقدس يقول: "طوبى لِلمُضطَهَدينَ على البِرّ..." هؤلاء الأشخاص قد اضطُهدوا فقط من أجل دفاعهم عن العدالة. هذه التطويبات كلها هي برنامج الحياة الذي يقترحه علينا يسوع المسيح، برنامج بسيط جدًا ولكنه ليس سهلاً.

أما إن كنا نرغب بالمزيد، ونريد ما هو إضافي على هذا البرنامج عندها يعطينا يسوع أيضًا بعض التوجيهات الأخرى، وخصوصًا عندما يحدثنا عن الكيل الذي به سيكال لنا أيضًا والذي نقرؤه في الفصل الخامس والعشرين من إنجيل القديس متى: "لأَنِّي جُعتُ فأَطعَمتُموني، وعَطِشتُ فسَقيتُموني، وكُنتُ غَريباً فآويتُموني، وعُرياناً فَكسَوتُموني، ومَريضاً فعُدتُموني، وسَجيناً فجِئتُم إِلَيَّ". فإن عشنا التطويبات وعملنا بوصية يسوع لنا هذه يمكننا أن نعيش حياة مسيحية صالحة ونصبح قديسين!

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: كلمات قليلة وبسيطة ولكنها عمليّة للجميع لأن المسيحية هي ديانة عمليّة: ليست ديانة للتفكير والتحليل وإنما للعيش والتطبيق! واليوم إن كان لديكم القليل من الوقت خذوا الكتاب المقدس، وبالتحديد إنجيل القديس متى في الفصلين الخامس والخامس والعشرين حيث ستجدون كلمات يسوع هذه، وسيساعدكم كثيرًا أن تُعيدوا قراءتها مرة واثنتين وثلاث، لأن هذه الكلمات هي برنامج القداسة! ليمنحنا الرّبّ إذاً النعمة لنفهم رسالته هذه لنا!

إذاعة الفاتيكان