اختتام سنة الإيمان 2012 ـ 2013: «أضواء

ترأس قداسة البابا فرنسيس عند العاشرة والنصف من صباح اليوم الأحد، الرابع والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر، قداسا احتفاليا في ساحة القديس بطرس لمناسبة اختتام "سنة الإيمان" 2012 ـ 2013 بحضور بطاركة الشرق الكاثوليك الذين شاركوا الأيام الماضية في الجمعية العامة لمجمع الكنائس الشرقية.

وأمام آلاف المؤمنين والحجاج القادمين من أنحاء مختلفة من العالم والذين غصت بهم ساحة القديس بطرس، ألقى الحبر الأعظم عظة استهلها بالقول إن الاحتفال بعيد المسيح ملك الكون، في هذا الأحد الأخير من السنة الليتورجية، يطبع أيضا اختتام "سنة الإيمان" التي أعلنها البابا بندكتس السادس عشر والذي أوجه إليه تحية مفعمة بالمحبة والتقدير على هذه العطية وأضاف: من خلال هذه المبادرة من العناية الإلهية، قدّم لنا فرصة إعادة اكتشاف جمال مسيرة الإيمان التي بدأت يوم معموديتنا، وجعلتنا أبناء لله وأخوة في الكنيسة، وهي مسيرة هدفها اللقاء التام مع الله، والتي من خلالها ينقينا الروح القدس ويقدّسنا، ليجعلنا ندخل في السعادة التي يتوق إليها قلبنا.

وتابع البابا عظته موجها تحية قلبية وأخوية لبطاركة ورؤساء أساقفة الكنائس الشرقية الكاثوليكية، وأشار إلى أن تبادل السلام الذي سيقوم به معهم، يعني قبل كل شيء تقدير أسقف روما لهذه الجماعات التي اعترفت باسم المسيح بأمانة مثالية، وأضاف أنه يريد من خلالهم وبهذه العلامة، بلوغ جميع المسيحيين في الأرض المقدسة، سورية والشرق بأسره، كي ينال الجميع عطية السلام والوئام.

وتوقف قداسة البابا بعدها عند القراءات البيبلية التي تتمحور حول مركزية المسيح، وأشار إلى أن بولس الرسول، وفي رسالته لأهل قولسي، يقدم لنا نظرة عميقة لمركزية يسوع، فهو "بِكر كل خليقة.  ففيه خُلق كل شي. كل شيء خُلق به وله. هو قبل كل شيء، وبه قوام كل شيء. هو البدء. فقد شاء الله أن يحِلّ به الكمالُ كله، وبه شاء أن يصالح كل موجود".

وأضاف البابا أن هذه الصورة تجعلنا نفهم أن يسوع هو محور الخلق، وقال إن المؤمن مدعو ليعترف ويقبل مركزية يسوع المسيح في حياته، أفكاره، كلماته وأعماله. فحين نخسر هذا المحور لأننا استبدلناه بشيء آخر، تنتج أضرار للبيئة من حولنا وللإنسان نفسه.

وتابع الحبر الأعظم عظته في قداس اختتام "سنة الإيمان" قائلا إن المسيح هو محور الخلق ومحور المصالحة، وهو أيضا محور شعب الله، وسلط الضوء بهذا الصدد على القراءة الأولى من سفر صموئيل الثاني، الفصل الخامس حين أقبل جميع أسباط إسرائيل إلى داود، وأمام الرب مسحوه ملكًا على إسرائيل، وأشار البابا فرنسيس إلى أنه، ومن خلال البحث عن الصورة المثالية للملك، كان هؤلاء الأشخاص يبحثون عن الله نفسه.

وأضاف الحبر الأعظم قائلا إن المسيح هو محور تاريخ البشرية ومحور تاريخ كل إنسان. فإليه نستطيع أن ننقل الأفراح والآمال، الأحزان والهموم التي تنسج حياتنا. وحين يكون يسوع محور حياتنا، حتى اللحظات الأكثر ظلاما تستنير، ويهبنا الرجاء كما حصل مع لص اليمين في إنجيل اليوم. ففي حين كان الجميع يهزأون من يسوع قائلين إن كنتَ المسيح الملك فخلِّص نفسك، فإن هذا الرجل الذي أخطأ في حياته، يتوب ليسوع المصلوب قائلا "إذكرني إذا ما جئتُ في ملكوتك"، فقال له يسوع "ستكون اليوم معي في الفردوس".

وقال البابا فرنسيس إن يسوع لفظ فقط كلمة المغفرة، لا الإدانة؛ فحين يجد الإنسان الشجاعة لطلب هذه المغفرة، فإن الرب يجيب دائما، وأشار إلى أن وعد يسوع للص اليمين يعطينا رجاء كبيرا: يقول لنا إن نعمة الله هي دائما أكثر وفرة، فالله يعطينا دائما أكثر مما نطلبه. تطلب منه أن يذكرك، فيقودك إلى ملكوته.

وقبل اختتام الاحتفال بالقداس الإلهي، وجه قداسة البابا فرنسيس كلمة قال فيها إنه يتجه بفكره اليوم نحو المرسلين الذين، وعلى مر العصور، قد أعلنوا الإنجيل، وزرعوا بذرة الإيمان في أماكن عديدة من العالم، بينهم الطوباوي جونبيرو سيرّا، المرسل الفرنسيسكاني الإسباني الذي يُحتفل بالمئوية الثالثة لولادته.

كما وشكر الأب الأقدس المطران فيزيكيلا رئيس المجلس البابوي لتعزيز الكرازة الجديدة بالإنجيل وجميع معاونيه على عملهم الكبير خلال "سنة الإيمان". وأضاف الحبر الأعظم: سنصلي الآن صلاة التبشير الملائكي: من خلال هذه الصلاة نطلب حماية مريم العذراء لاسيما لأخوتنا وأخواتنا المضطهدين بسبب إيمانهم.

هذا وتخلل القداس الإلهي عرض ذخائر القديس بطرس والتي حملها البابا فرنسيس بكل خشوع وصلاة بعد العظة التي ألقاها، كما وسلم الحبر الأعظم الإرشاد الرسولي "فرح الإنجيل" الذي سيُقدم رسميا خلال مؤتمر صحفي في دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي الثلاثاء القادم السادس والعشرين من تشرين الثاني نوفمبر.

إذاعة الفاتيكان