أهمية المثابرة في الصلاة «أضواء
كانت عقارب الساعة تشير إلى الثانية عشرة ظهرا عندما أطل البابا فرنسيس من على نافذة مكتبه الخاص في القصر الرسولي بالفاتيكان ليتلو، كعادته ظهر كل أحد، صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس. قال البابا: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير.
في إنجيل اليوم يروي يسوع مثلا حول ضرورة الصلاة بدون كلل أو تعب. بطلة هذه القصة أرملة ألحت على قاض غير نزيه وتمكنت من الحصول على العدالة من خلاله ويقول يسوع إذا كانت هذه الأرملة قد تمكنت من إقناع هذا القاضي أتعتقدون أن الله لا يصغي إلينا إذا صلينا له بإلحاح؟ تعبير يسوع قوي جدا! ألا يحل الله العدالة لدى من يرفعون إليه الصلوات ليلا ونهارا؟ تترك صورة الصلاة هذه أثرا كبيرا لدينا.
دعونا نتساءل: لماذا يريد الله هذا؟ ألا يعرف مسبقا باحتياجاتنا؟ ما معنى الإصرار مع الله؟ هذا السؤال يحملنا على التعمق بناحية مهمة جدا من الإيمان. الله يدعونا للصلاة بإلحاح وإصرار، لا لأنه لا يعرف ما نحتاج إليه أو لأنه لا يصغي إلينا. بالعكس. إنه يصغي إلينا دائما ويعرف كل شيء عنا. في مسيرتنا اليومية، لاسيما خلال مقاومة الشر بداخلنا أو خارجنا، يبقى الرب إلى جانبنا. إنه ليس بعيدا عنا.
نحن نناضل وهو واقف إلى جانبنا وسلاحنا هو الصلاة التي تجعلنا نشعر بحضوره إلى جانبنا وبرحمته ومساعدته لنا. النضال ضد الشر صعب وطويل ويتطلب صبرا ومثابرة شأن موسى الذي رفع ذراعيه كي يؤمّن النصر لشعبه. هناك صراع يجب أن نخوضه كل يوم. لكن الله هو حليفنا والإيمان به هو قوتنا والصلاة هي التعبير عن هذا الإيمان لذا يضمن لنا يسوع النصر ويتساءل: عندما سيأتي ابن الإنسان هل سيجد الإيمان على الأرض؟ إذا انطفأ الإيمان تنطفئ الصلاة ونسير في الظلمات ونتوه في مسيرة حياتنا.
فلنتعلم إذا من أرملة الإنجيل أن نصلي دائما وبدون كلل. كانت أرملة شجاعة، عرفت كيف تناضل من أجل أبنائها وأنا أفكر بالعديد من النساء اللواتي تناضلن من أجل عائلاتهن، تصلين ولا تتعبن أبدا. دعونا نفكر اليوم بالنساء اللواتي تشهدن من خلال سلوكهن على الإيمان والشجاعة وهن نموذج للصلاة. دعونا نفكر بهن! الصلاة لا ترمي إلى إقناع الله من خلال الكثرة في الكلام، إن الله يعرف أكثر منا ما نحتاج إليه. المثابرة في الصلاة هي تعبير عن الإيمان بالله الذي يدعونا للنضال إلى جانبه في كل يوم ولحظة للتغلب على الشر بواسطة الخير.
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي قال البابا: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، نحتفل اليوم باليوم الإرسالي العالمي. ما هي رسالة الكنيسة؟ أن تنشر في العالم شعلة الإيمان التي أضاءها يسوع في العالم. الإيمان بالله الذي هو أب ومحبة ورحمة.
طريقة الرسالة المسيحية لا تكمن في نشر الدين إنما في مقاسمة الشعلة التي تدفء النفس. أشكر جميع الأشخاص الذين، وبواسطة الصلاة والمساعدة الملموسة، يدعمون عمل الرسالة ويتعاونون مع أسقف روما في نشر الإنجيل.
في هذا اليوم نشعر بالقرب من جميع المرسلين والمرسلات الذين يعملون بعيدا عن الأضواء، ويضحون بحياتهم، شأن الإيطالية أفرا مارتينيلي التي عملت لسنوات طويلة في نيجيريا ومنذ أيام قليلة قُتلت بدافع السرقة وبكاها الكل، مسيحيون ومسلمون لأنهم كانوا يحبونها. أعلنت الإنجيل من خلال حياتها وبواسطة العمل الذي قامت به إذ أنشأت مركزا للتعليم ونشرت شعلة الإيمان وناضلت النضال الحسن.
دعونا نفكر بشقيقتنا هذه ونصفق لها. أفكر أيضا بستيفانو ساندور الذي أعلن بالأمس طوباويا في بودابيست. كان علمانيا ساليزيانا وعمل في خدمة الشبيبة والتعليم المهني. بعد أن أقفل النظام الشيوعي كل المعاهد الكاثوليكية واجه الاضطهاد بشجاعة وقتل عندما كان في التاسعة والثلاثين من عمره.
هذا ثم عبر البابا عن قربه من شعب الفيليبين التي ضربها زلزال قوي قائلا: أدعو للصلاة من أجل هذه الأمة الحبيبة التي شهدت كوارث عديدة في الماضي. بعدها حيا البابا وفود الحجاج والمؤمنين وأشار إلى أنه يُحتفل اليوم بالأرجنتين بعيد الأم وقال: أتوجه بتحية قلبية إلى أمهات وطني! ثم تمنى البابا للجميع أحدا سعيدا وغداء شهيا.
إذاعة الفاتيكان