الانتظار المقدّس «متفرقات
إنّ زمن المجيء هو زمن انتظار. لكنّنا نعلم أنّ الانتظار قد يكون مملّاً ومُحبطًا في بعض الأحيان. لكن هل يكتنف في طيّاته غنىً وأبعادًا خفيّة أيضًا؟ وكيف لنا في بعض الأحيان أن نرفض هذا الانتظار المقدّس أو نغفل عنه؟
لقد خلق الله فينا هذا النوع من التوق. فقصّة العهد القديم تتمحور حول هذا الانتظار، وفي النهاية أرسل لنا الله ابنه الوحيد الّذي كنّا ننتظره. ويبدو بعدها أنّ هذا التوق قد انتهى مع مجيئه، لكن لنفكّر في الحياة الخفيّة الّتي أمضاها يسوع في الناصرة، وكأنّ الله طلب من يسوع أن ينتظر!
فبعد هذا الانتظار سيحين الموعد المحدّد ليخوضَ يسوع مغامرته في رسالته العلانية: "سيظهر للعلن، سيخطب بالشعب، سيشفي، سيصلّي، وسيكسر الخبز...".
وسيعود مفهوم الانتظار ليكون موضوعًا محوريًّا في آلام المسيح وصلبه، إذ يظهر المسيح بشكلٍ ملحوظ على أنّه شخص مفعول به لا فاعل. فبعد أن رأيناه الفاعل الّذي يقوم بكلّ شيء، نراه في مشهد الآلام المفعول به: "أخذوه، وجلدوه، وصلبوه، ودفنوه...".
لقد أسلم يسوع ذاته بشكلٍ كلّيّ: فلم يقاوم البتّة، بل انتظر ما سيقرّره مضطّهديه، لقد أرسل لهم برسالةٍ تقول: "إنّ حبّي لكم لا ينضب، فمهما فعلتم بي، فحبّي لكم لن يفتر". فالحبّ الّذي يسكن قلب يسوع، جعل من آلامه "انتظارًا مقدّسًا".
إذًا، الانتظار المقدّس، يقوم على معايير إلهيّة. فانتظار يسوع أفصح عن حبّه اللامتناهي. فهو عرف بطبيعته الإلهيّة والبشريّة انتظارنا واختبره. وباستطاعتنا أن نتعلّم منه كيف أن نتحمّل ونصبر ونواجه بالحبّ على ما لا يمكن تغييره.
بذلك سنكون أكثر قُربًا من الله في هذه الأزمنة من الانتظار. وهكذا، فإنّ زمن المجيء يوفّر لنا فرصةً عظيمة لنختبر "الانتظار المقدّس" على مثال المسيح.
موقع jespro