30 آذار تذكار القديس يوحنا كليماكوس واضع سلّم الفضائل «على درب القداسة
ولد يوحنّا كليماكوس في فلسطين عام 525. تخرّج في العلوم، ونبغ فيها، ولاسيّما بالفصاحة، حتّى لقـِّب "بالمعلّم" وهو أحد آباء الكنيسة. ويُلقـَّب "بالسلَّمي" أو كليماكوس نسبة إلى كتابه الذي أسماه باليونانية "كليماك"، أي السلّم. وهو يعلّم الارتقاء بالفضائل حتّى الكمال.
وما بلغ السّادسة عشرة حتّى صغرت الدّنيا في عينيه. فعاف العالم وأباطيله، وذهب إلى دير جبل سينا الشّهير حيث تتلمذ لراهبٍ شيخ جليل يُدعى مرتيريوس، سلّم إليه قيادة أمره. ولم تمضِ عليه أربع سنوات في الدّير حتّى ارتقى إلى أسمى الفضائل، ولاسيّما الطّاعة لمرشده.
ولمّا بلغ العشرين من عُمره. لبس الثوب الرّهبانيّ، وأبرز نذوره وأصبح مثال الجميع بالسَّير في طريق الكمال، حتّى قال عنه ستراتيفوس رئيس الدير: "إنّ يوحنّا سوف يكون أحد الأنوار العظيمة في المسكونة".
ثمّ انفرد في البريّة عند سفح جبل سينا، وأقام في كوخٍ قريبٍ من الكنيسة التي بناها الملك يوستينيانوس للنسّاك في ذلك القفر. ولم ينفكّ عن مطالعةِ الكتاب المقدّس واكتناه معانيه السّامية. وقد وضع ذلك الكتاب البديع "سلّم الفضائل" ليكون دستور عمل ليس للرّهبان فحسب، بل لجميع النفوس الرّاغبة في الفضيلة. وهو نتيجة تأمّلاته وتعمّقه في فلسفة الإنجيل وعلم النفس.
وقسّم كتابه إلى ثلاثين درجة، أوّلها الزّهد في الدنيا، وآخرها الفضائل الإلهيّة الثلاث الإيمان والرّجاء والمحبّة.
وصار رئيسًا على دير سيناء وكان مثالاً أعلى في القيام بجميع الواجبات الرّهبانيّة ومنارًا بفضيلتيّ التواضع والمحبّة. وله رسالة مسهبة في واجبات الرؤساء والمسلّطين، فيها من الحكم والنصائح الرّشيدة، ما يضمن الخير والنجاح للرّؤساء وللمرؤوسين.
وكانت نفسه تصبو دائمًا إلى العزلة والإنفراد. فتنازل عن الرِّئاسة وعاد إلى خلوته في منسكه، منعكفًا على مناجاة الله بالصّلاة وأنواع التقشف، إلى أن رقد بالرّبّ سنة 605 وله من العمر ثمانون سنة. وقد أجرى الله على يده آيات عديدة. صلاته معنا. آمين.