ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك «القوت اليومي
في إنتقال مريم إلى السماء يتوهج مجد الله، لأن الانتقال هو انعكاس تمجيد الله لإبنه بالقيامة، إنه مشاركة في قيامة المسيح. وهو يدل على قوة الاتحاد بين الأم والإبن في الانتصار على الشيطان والموت. هكذا إنتقال مريم بالجسد والنفس إلى السماء هو تتويج أعلى لإمتيازاتها.
تحتفل الكنيسة اليوم بعيد انتقال العذراء إلى السماء، وهذا العيد هو من الأعياد الكبرى المخصصة لأمنا مريم. فلماذا وضعت الكنيسة هذا العيد؟.. إن انتقال مريم إلى السماء هو بالحقيقة عيد الرجاء المسيحي، هو عيد التحول من الحالة الجسدية المادية إلى حالة المجد السماوي، وقد نالت مريم هذا الاستحقاق، لأنها كانت مطيعة ومصغية ومتأملة طوال حياتها بكلمة الله.
فالإستماع إلى كلمة الله والعمل بها هو الجواز الذي من خلاله نصبح نحن أيضًا مؤهلين للإنتقال إلى المجد السماوي. صحيح أن الأناجيل لا تتكلم كثيرًا عن مريم، ولكن الكلمات التي وردت على لسانها في الأناجيل تلخص كل البشارة المسيحية، فمنذ بشارة الملاك لها، قالت بكل تواضع "ها أنا أمة الرب فليكن لي بحسب قولك"، هذا الاستسلام التام لمشيئة الله، يتطلب قوة إيمان، ولا يستطيع أي إنسان أن يقدمه ما لم يكن ممتلئًا من الروح القدس.
إن الكنيسة إذ تعطي لمريم ألقابًا كثيرة، فإن كل هذه الألقاب تأخذها من يسوع، التي كانت تحفظ كلامه، وكانت ترافقه منذ ولادته إلى يوم الصلب، وعلى الصليب سلمنا يسوع أمه بشخص يوحنا "يا امرأة هذا أبنك، هذه أمك"، يسوع يدعونا لنشاركه أمومة مريم، أي أن نكون أخوة يسوع وهذا يتطلب منا أن نكون أبناء مريم، والابن كما نعلم يتعلم من أمه فهي أول مدرسة يدخلها الإنسان عند ولادته.
نحن اليوم مدعوين مثل مريم، أن نقدم الخلاص والرجاء لكل من هم حولنا، لا سيما في عالمنا اليوم الذي هو بحاجة إلى من يبعث الرجاء فيه، وأن نبحث عن يسوع دومًا لأن فيه الحياة، هكذا فقط نستطيع نحن أيضًا أن نحقق إنتقالنا إلى السماء.
لنرفع صلاتنا إلى الله أبينا، ونطلب بثقة قائلين: إستجب يا رب
- يا رب، هبنا القوة، من أجل أن نلبي نداءَ أمنا مريم، فنعمل كل ما نسمعه منك، فنُحقق الانتقال الحقيقي في حياتنا نحو الأسمى. منك نطلب.
- يا رب، أنت بكلامك تُنيرُنا وتريد قداسَتنا، قوِّنا لكي ننطلق نحو الآخرين، ونحن نحمل ذاتَ نيَّتِكَ، فنعمل على ازدهارهم. منك نطلب.
- يا رب، كي نكون على مثال أُمنا مريم، وديعيَّ القلوب، ساعدنا كي نتراجع عن كل خطوة جرحنا بها الآخرين، فتتعدَل حياتُنا. منك نطلب.
- يا رب، أنت تعلِّمُنا بأنه لا تحقيق صادق للسلام، إن لم يعِش الناس بروح الأخوّة، التي تُنهي كل الانقسامات والعداوات، قدّسنا بروحك لنتجاوز ما يمنع محبتنا للآخرين. منك نطلب.
الاب افرام كليانا