مسامحة الأعداء تجعلنا نتشبه بيسوع «القوت اليومي
"محبة الأعداء صعبة لكن هذا ما يطلبه منا يسوع المسيح"
كيف يمكننا أن نحب أعداءنا؟ كيف يمكننا أن نسامح الذين يأخذون القرار بالقصف وقتل العديد من الأشخاص؟ أو كيف يمكننا أن نحب الذين، محبة بالمال، يحرمون المسنين من الحصول على أدويتهم ويتركوهم ليموتوا؟ أو أولئك الذين يبحثون عن مصالحهم الشخصية ومآربهم مسببين الألم للآخرين إنه أمر صعب لكن هذا ما يطلبه يسوع منا ، لكلٍّ منا أعداء وإنما بإمكان كلٍّ منا أيضًا أن يصبح عدواً للآخرين.
غالبًا ما نصبح نحن أيضًا أعداءً للآخرين ولا نحبّهم، بينما يطلب يسوع منا أن نحب أعداءنا وهذا ليس سهلاً! يبدو لنا أن يسوع يطلب منا الكثير! فنترك هذه الفضيلة للراهبات المحصّنات، ولبعض النفوس التقيّة وكأن ما يطلبه يسوع لا يتطابق مع الحياة العادية. لكن يسوع يقول لنا: "أحبوا أعداءكم!" فإن لم نحب أعداءنا فلسنا بمسيحيين، وإنما كالعشارين والوثنيين.
كيف يمكننا إذا أن نحب أعداءنا؟ يطلب منا يسوع أولا أن ننظر إلى الآب الذي "يُطلِعُ شَمْسَه على الأَشرارِ والأَخيار، ويُنزِلُ المَطَرَ على الأَبرارِ والفُجَّار" الله الذي يحب الجميع وثانيا يطلب منا أن نكون "كاملين كما أن أبانا السماوي كامل" أي أن نتشبه بالآب في كمال الحب هذا. فيسوع قد غفر لأعدائه وسامحهم. ولكن يبقى السؤال ما هي الوسيلة إذا لنتمكن من محبة أعدائنا؟ الصلاة ! عندما نصلّي من أجل الذي يسبب لنا الألم، يأتي الرب إلينا ويبلسم جراحاتنا ويُعدُّ قلوبنا للسلام.
فيسوع يطلب منا أن نصلّي: "صَلُّوا مِن أَجلِ أَعدائكم! صَلُّوا مِن أَجلِ مُضطَهِديكُم! واطلبوا من الله أن يغيّر قلوبهم، من قلوب متحجرة إلى قلوب تنبض، تشعر وتحب". السؤال لكل منا ليجيب عليه في قلبه: "هل أصلي من أجل أعدائي؟ هل أصلّي من أجل الذين لا يحبونني؟ إذا كان الجواب نعم! لنتابع صلاتنا ولنكثفها فنحن على الدرب الصالحة. أما إذا كان الجواب لا! فيقول لنا الرب: "أيها المسكين، بذلك تصبح أنت أيضًا عدوا للآخرين؟" لنصلّي إذا ليغيّر الله قلوبهم.
قد يعتقد البعض أن محبة الأعداء "تجعلنا ضعفاء"، وهذا صحيح، إنها تجعلنا ضعفاء وفقراء ولكن على مثال يسوع الذي لكي يأتي إلينا تنازل وصار فقيرًا من أجلنا، وفي تنازل يسوع هذا وفقره نجد النعمة التي برّرتنا وأغنتنا جميعًا: هذا هو سرّ الخلاص!
بمسامحة الأعداء ومحبتهم نصبح فقراء: الحب يُفقرنا لكن هذا الفقر هو بذرة خصوبة ومحبة للآخرين تمامًا كفقر يسوع الذي أصبح نعمة خلاص لنا جميعًا. لنفكر بأعدائنا وبالذين لا يحبوننا ولنرفع صلاتنا من أجلهم: لنقدم يسوع وذبيحته من أجل الذين لا يحبوننا، ومن أجل كلّ فردٍ منا ليعلمنا الرب هذه الفضيلة التي تجعلنا أكثر تشبه بالآب، أبينا الذي يُطلِعُ شَمْسَه على الأَشرارِ والأَخيار، وبالابن، يسوع الذي افتقر ليغنيَنا بفقره.
(البابا فرنسيس)