شهودٌ للحقّ «القوت اليومي

 

شهودٌ للحقّ

 

إنّ الرّب يسوع المسيح... قد شهِدَ للحقّ ولمْ يشأ أن يفرضه بالقوة على معارضيهِ. فهو لا يُدافع عن مملكته بقوّة السيف (راجع مت 26: 51 وما يليها) هذه المملكة التي تتوطَّد بالخضوع للحق وبالشهادة لهُ وتنمو بفضل قوَّةِ محبّة الرّب يسوع المسيح الذي اجتَذَبَ إليهِ، وهو فوقَ الصليب، كلَّ الخليقة (راجع يو 12: 32)

 

وتَعَلَّمَ الرسلُ من كلام الرّب يسوع المسيح واقتدوا بهِ، فتَرَسَّموا خُطاهُ فلم يلجأوا... إلى طرقِ العنفِ... وإنَّما لجأوا قبلَ كلّ شيء إلى قوّة كلمة الله، وأعلَنوا بشجاعةٍ تدابير الله المخلِّصة: "إِنَّه يُريدُ أَن يَخْلُصَ جَميعُ النَّاسِ ويَبلُغوا إِلى مَعرِفَةِ الحَقّ" (1 تم 2: 4)، وفي الوقت نفسه كان موقفهم تجاه الضعفاء يتَّسِمُ بالاحترام حتى مَن كانَ منهم يعيشُ في ضلالٍ وأعلنوا أن "كُلَّ واحِدٍ مِنَّا سيُؤدِّي إِذًا عن نَفْسِه حِسابًا لله" (رو 14: 12)، وأنّه مُلزَمٌ بطاعةِ ضميره الذاتي... وقد كانوا يؤمنون الإيمان الراسخ بأن الإنجيلَ نفسه هو في الحقيقة قوّة الله لخلاصِ كل من يؤمن بهِ (راجع رو 1: 16).

 

ولمّا رفضوا كلّ "أسلحة الجسد" (2كور 10: 4) اقتداءً بوداعةِ الرّب يسوع المسيح وتواضعهِ، بشَّروا بكلمة الله وهم على ثقة من أنّها قوّة إلهية قادرة على تحطيم القوى المعادية لله...

 

واعترفَ الرسلَ بشرعية السلطات المدنيّة كما فعلَ المعلم... ولكنهم في الوقت ذاته لم يَخشوا معارضةَ السُلُطاتِ العامة عندما كانت تناقضُ مشيئة الله المقدسة إذ "إنَّ الله أحقُّ من الناس بأن يُطاع" (أع 5: 29) وسلك هذا الطريق عددٌ لا يُحصى من الشهداء والمؤمنين في كل زمانٍ ومكان.

 

المجمع الفاتيكانيّ الثاني

كرامة الإنسان (Dignitatis Humanæ)

 بيان في "الحرية الدينية"، العدد 11