الكنيسة هي مكان الإيمان ونقل الإيمان «القوت اليومي
" هل الإيمان له طابع شخصيّ فقط، وفرديّ؟ هل يهمّ شَخْصي وحده؟ هل أعيش إيماني لوحدي؟ بالطبع، فعل الإيمان عملٌ شخصيّ بامتياز، يحدث في حميميّتي الأكثر عمقًا ويمثِّل تغييرًا في الاتّجاه، توبة شخصيّة: فحياتي هي التي تتلقّى تحوّلاً، اتّجاهًا جديدًا.
في ليتورجيا المعموديّة، عند الوعود، يطلب المُحتفِل الجهر بالإيمان الكاثوليّ ويصيغ ثلاثة أسئلة: أتؤمنون بالله الكلّي القدرة؟ أتؤمنون بابنه الوحيد يسوع المسيح؟ أتؤمنون بالروح القدس؟ كانت هذه الأسئلة توجَّهُ قديمًا شخصيًّا لمَن كان على وشك اقتبال العماد، قبل أن يغطس بالماء ثلاث مرّات. واليوم أيضًا، الجواب هو بصيغة المفرد: «أؤمن».
لكنّ إيماني هذا ليس نتيجة تأمّلي المنفرد، ليس من نتاج فكري، بل هو ثمرة علاقة، وحوار حيث هناك استماع، وتلقّي وإجابة؛ إنّه التواصل مع يسوع الذي يجعلني أخرج من "الأنا" خاصّتي المنغلق على ذاتي لأنفتح على محبّة الله الآب.
إنّها مثل ولادة جديدة حيث أكتشف نفسي متّحدًا ليس مع يسوع فحسب، بل أيضًا مع جميع أولئك الذين ساروا ويسيرون على نفس الطريق؛ وهذه الولادة الجديدة، التي تبدأ عند المعموديّة، تستمرّ طوال مسيرة الحياة.
لا أستطيع أن أبنيَ إيماني الشخصيّ في حوار خاصّ مع يسوع، لأنّ الإيمان أعطاني إيّاه الله من خلال الجماعة المؤمنة التي هي الكنيسة وهو يُدخلني بالتالي في جموع المؤمنين في، شركة ليست اجتماعيّة فقط، بل متجذِّرة في محبّة الله الأبديّة، الذي في ذاته هو شركة الآب والابن والروح القدس، هو المحبّة الثالوثيّة.
إيماننا شخصيّ فعلاً، فقط إذا كان أيضًا جماعيًّا: يمكنه أن يكون إيماني فقط إذا ما عاش وتحرّك داخل «نحن» الكنيسة، فقط إذا ما كان إيماننا كلّنا، إيمان الكنيسة الواحدة المشترك. (...)
يلخِّص التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة هذا الأمر بطريقة واضحة: «الإيمان عملٌ كنسيّ. إيمان الكنيسة يسبق إيماننا، ويبعثه، ويحمله، ويغذّيه. الكنيسة أمّ جميع المؤمنين. “لا أحد يستطيع أن يقول إنّ الله أبوه، ولا تكون الكنيسة أمُّه”» [القديس كبريانوس]" (عدد 181). لذلك فالإيمان يولد في الكنيسة، إليها يقود وفيها يعيش. من المهمّ أن نتذكّر هذا الأمر."
البابا بندكتس السادس عشر
31 أكتوبر 2012