الثبات في يسوع «القوت اليومي
أين يمكن لأماننا الهشّ أن يجد السلام والطمأنينة إن لم يكن في جراح المخلّص؟ وأنا أبقى هنا واثقًا أكثر كلّما زادت قوّته على إنقاذي. العالم يترنّح والجسد يرمي بثقله والشيطان يزرع فِخاخه: لكنّني لا أقع لأنّني مبنيّ على صخرٍ صلب. ما ينقصني نتيجة خطيئتي، آخذه بكلّ شجاعة من أحشاء الله المُخُلِّصة، التي مزّقتها جراح كثيرة إلى أن انسكب منها الخلاص انسكابًا.
لقد ثقبوا يديه وقدميه وجنبه بالحربة. ومن خلال تلك الثقوب المفتوحة، يمكنني أن أتذوّق العسل من هذه الصخرة والزيت الذي ينسكب من صخرته الصلبة جدًّا، أي إنّني أرى وأتذوّق عذوبة الربّ. لقد كانت تتبادر إلى ذهنه أفكار سلام وأنا لم أكن أعرف (راجع إر 29: 11). ولكنّ المسمار الذي اخترقه أصبح لي مفتاحًا يفتح سرّ مخطّطته الخلاصي. كيف لا أرى عبر تلك الفتحات؟ المسامير والجروح تصرخ أنّ الله قد صالح العالم في شخص ابنه الربّ يسوع المسيح (راجع 2كور 5: 19).
لقد اخترق الرمح كيانه ولمس قلبه حتّى يستطيع التعاطف مع طبيعتي الضعيفة. سرّ قلبه يبدو واضحًا في جروح جسده: فنرى بشكل مكشوف سرّ طيبته اللامتناهية هذا، محبّة إلهنا تلك التي جعلت الشمس المشرقة تقوم بزيارة أرضنا (راجع لو 1: 78). وكيف لا تظهر تلك المحبّة في جروحه؟ كيف يمكنك أن تظهر أنك "أيّها السَّيِّدُ صالِحٌ غَفور وافِرُ الرَّحمَةِ لِجَميع ِالصَّارِخينَ إِلَيكَ" (مز86[85]: 5)، إلاّ من خلال جروحك بما أنّه لا يوجد حبّ أكبر من هذا أي أن يبذل أحد حياته عن المدانين؟ (راجع يو 15: 13).
القدّيس بِرنَردُس (1091 - 1153)